الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

لا يشترط للزواج من الثانية إذن الأولى

218759

تاريخ النشر : 23-11-2014

المشاهدات : 262946

السؤال


حسب ما قرأت في كثير من الفتاوى على موقعكم فإنه لا يشترط على الرجل أخذ موافقة الزوجة للزواج من ثانية، فما هو الدليل على ذلك؟ كما ذكرت الفتاوى التي قرأتها أنه يجوز للزوج إخفاء أمر زواجه الثاني عن زوجته ، فكيف يعقل أن يكون ذلك في الدين وما هو الدليل على ذلك؟ ففي النهاية سوف تكتشف الزوجة الأمر لأنها سوف تتساءل عن سبب غياب الزوج المتكرر ومن المؤكد أنّ ذلك سيوتر العلاقة بينهما وسيؤدي إلى زرع الشك في نفسها، أليس عدم الصدق مع الآخرين مخالف لتعاليم الإسلام؟ أنا أعرف امرأة اشترطت في عقد زواجها أنه إن تزوج زوجها عليها فلها الحق في الطلاق وقد وافق زوجها على ذلك، فهل يعتبر هذا الشرط ساري المفعول طوال فترة زواجهم؟

الجواب

الحمد لله.


بداية ينبغي أن يُعلم أن من وضع شرطا هو من يُطالَب بالدليل عليه ، فمن قال : يشترط لمن أراد التزوج بزوجة ثانية ، يشترط أن يخبر الأولى أو زوجاتِه الأخرياتِ ، فمَن قال هذا هو المطالَب بالدليل ، وليس من ينفي هذا الشرط ؛ لأن من ينفي الشرط موافق للأصل ، فالأصل عدم الشرط ، وليس وجوده . سيما وقد نص الشارع على جملة شروط في الزواج ، ولم يذكر منها إخبار زوجته الأولى . وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقل أنه كان يستأذن أحدا من نسائه ، وكذا أصحابه رضي الله عنهم تزوجوا وعدَّدُوا ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه استأذن ، وهذا كافٍ في تقرير هذا الحكم شرعا .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن رضا الزوجة الأولى لمن أراد الزواج بأخرى فأجابت : " ليس بفرض على الزوج إذا أراد أن يتزوج ثانية أن يرضي زوجته الأولى ، لكن من مكارم الأخلاق وحسن العشرة أن يطيِّب خاطرها بما يخفف عنها الآلام التي هي من طبيعة النساء في مثل هذا الأمر ، وذلك بالبشاشة وحسن اللقاء وجميل القول وبما تيسّر من المال إن احتاج الرضى إلى ذلك " . انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 19/53 .
والأولى أن يخبرها وأن يرضيها قبل أن يتزوج عليها ، لما يترتب عليه من مصالح حسـنة ، وليكون الأمر مقبولا ، لكن هذا ليس على سبيل الوجوب .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا كان الرجل يريد أن يتزوج زوجةً أخرى فهل يشترط أن يستأذن امرأته الأولى وما الحكم لو تزوج بدون علمها ؟
فأجاب رحمه الله : " أعتقد أنه لو استأذن منها لأبت أن يتزوج ، ولكن ليس من شرط النكاح أن يستأذن الزوجة الأولى بل حتى لو استأذنها وأَبَتْ فله الحق أن يتزوج ، ولكن مع هذا أرى أنه ينبغي أن يشاورها ويقنعها حتى تقتنع بذلك وتطمئن ، ويبين العلة التي من أجلها يريد أن يتزوج ، فإذا جاءتها الزوجة الجديدة جاءتها وهي على اطمئنانٍ بها وعلى علمٍ بها وعلى رضىً بها ، وحينئذٍ يمكن أن تعيش الزوجتان عيشةً حميدة بدون تنافرٍ ولا تباغض ، فمن أجل مراعاة هذه الفوائد ينبغي أن يستأذنها ويخبرها ، وأما أن يكون ذلك واجباً فليس بواجب " .
فسئل الشيخ": لو أخفى عنها هذا الزواج ؟
فأجاب : " لا حرج عليه " . انتهى . فتاوى نور على الدرب – موقع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وأما قولك : كيف يأتي الدين بمثل ذلك ، وأنه ليس من الصدق ؟
فالجواب : أن الزوج قد يخفي ذلك لعلمه أن زوجته الأولى لن تقبل بهذا الزواج . ومعها المجتمع الذي ينكر هذا الحكم الشرعي ، ويُتهم الزوج حينئذ بالخيانة وعدم الوفاء لزوجته الأولى ، وغير ذلك من التهم الكاذبة .
وقد كان إخبار الزوجة الأولى في كثير من الأحيان سببا في إلحاق الضرر ببيت الزوج ، فيفضل الزوج إخفاء الأمر حرصا منه على أسرته .
فسبب الإخفاء هو رد بعض المجتمعات لهذا الحكم الإلهي ، لدرجة أن بعض الزوجات قد ترضى بأن يعاشر زوجها امرأة أخرى في الحرام ولا يتزوج عليها !!
فهذا الجهل من أكبر أسباب لجوء الزوج إلى إخفاء الأمر .
فإذا أخفاه عنها حرصا على مصلحتها ومصلحة أولاده منها وأسرته ، فما العيب في ذلك ؟
والله تعالى أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب