الحمد لله.
من كان موظفا في إحدى الهيئات والمؤسسات الحكومية أو غيرها ، ويتقاضى على عمله راتبا ، فلا يجوز له قبول هدية من أحد ممن له معاملة في تلك المؤسسة التي يعمل بها ، إلا إذا أذن له أصحاب المؤسسة ؛ وذلك لما روى الإمام أحمد في " المسند " (39/14) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ ) [أي : خيانة] حسنه ابن الملقن في " تحفة المحتاج " (2/572)، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (7021).
وعَنْ أَبِى حُمَيْدٍ رضي الله عنه أيضا قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِي ، فقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ) رواه البخاري (2597) ومسلم (1832) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"وفي الحديث من الفوائد : منع العمال من قبول الهدية ممن له عليه حكم ، ومحل ذلك
إذا لم يأذن له الإمام ؛ لما أخرجه الترمذي من رواية قيس بن أبي حازم عن معاذ بن
جبل قال: ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال : لا تصيبن شيئا
بغير إذني فإنه غلول ) " انتهى من " فتح الباري " (13/ 167)
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله
:
أنا مدير إدارة يقوم بعض الناس بعد إنهاء معاملاتهم بإهدائي بعض الهدايا ، علما أنهم لا يستغنون عن إدارتي وسيراجعونها في يوم من الأيام ، فهل أقبلها عن حسن نية أم تعتبر من الرشوة والسحت ؟ !
فأجاب:
" الواجب عليك عدم قبول هذه الهدايا لأنها في حكم الرشوة ، ولأنها قد تحملك على تقديم معاملاتهم على غيرهم طمعا في هداياهم أو حياء منهم ، وقد ورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على منع مثل هذه الهدايا " انتهى من " فتاوى إسلامية " (4 /350) بتصرف يسير.
وعلى هذا , فالواجب عليك أن تصر على موقفك من عدم أخذ هذه الأموال ، إذا ألح عليك أحد من المراجعين فازدد إصرارا على عدم أخذه اجتنابا لهذا المال المحرم . وحتى لا تتهم بين الناس بأنك تتقاضى الرشوة ، وحتى يعلم الناس أن هذه رشوة محرمة لا يجوز إعطاؤها ولا أخذها .
وقد أحسنت في التصدق بما أخذته قبل ذلك من الأموال ، ولكن الأحسن من ذلك أن لا تأخذه ابتداء .
وفقك الله تعالى .
والله أعلم
تعليق