الأحد 28 جمادى الآخرة 1446 - 29 ديسمبر 2024
العربية

اشتراطُ البائعِ على المشتري عدمَ بيعِ ما اشتراه

219719

تاريخ النشر : 08-12-2014

المشاهدات : 26378

السؤال


لو أني اشتريت تذاكر حلال من موقع ما ، وقمت بالتعليم على المربع الذي يشير إلى موافقتي على الشروط ، وأحد هذه الشروط أنه لا يصح لي إعادة بيعها مرة أخرى . ثم قمت ببيعها وربحت من هذا ، وذلك لأن جميع الناس يقومون بهذا الأمر ، فهل هذا المال الناتج عن التخلص منها حرام ؟ هل يجوز لي بيعها لأني أعلم أنه قانوناً يمنع بيعها ؟

الجواب

الحمد لله.


هذا الشرط المذكور في هذه المعاملة ، وهو ألا يبيع المشتري الشيء الذي اشتراه ، هذا الشرط محل خلاف بين أهل العلم ، والخلاف في هذه المسألة على وجه الاختصار كالآتي :
القول الأول :
بطلان البيع والشرط ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، ورواية في مذهب أحمد .
بل حكاه الماوردي مذهب جميع الفقهاء . " المجموع " (9/464) .
القول الثاني :
بطلان الشرط دون البيع ، وهو المشهور من مذهب الحنابلة ، وقول للمالكية ، وقول للشافعية.
القول الثالث :
صحة البيع والشرط جميعا ، وهو رواية في مذهب أحمد ، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم . انظر: " المبسوط " (13/13) ، و"البحر الرائق "(6/93) ، و "مواهب الجليل "(4/373)، " التاج والإكليل " (6/242) ، و" الأم " (7/101) ، و " مغني المحتاج " (2/47-48) ، " المجموع " (9/464) ، و " مجموع الفتاوى " (29/137) ، و "إعلام الموقعين "(3/301) .
والأقرب في هذه المسألة التفصيل : فإن كان هذا الشرط يترتب عليه مصلحة فهو جائز ، أما إذا كان يقصد به مجرد التضييق على المشتري فلا يجوز .
وقد اختار هذا التفصيل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ، فقد قال في سياق الكلام على هذا الشرط : " ولكن الصحيح أن في ذلك تفصيلاً : وهو إن كان شرط عدم البيع لمصلحة تتعلق بالعاقد أو بالمعقود عليه فإن الصحيح صحة ذلك، مثال التي تتعلق بالعاقد : أنا أعرف أن هذا الرجل محتاج إلى بيت وأريد أن أبيعه بيتي ، ولكن أعرف أن الرجل لا يحسن التصرف يمكن أبيعه عليه في الصباح ويبيعه هو في آخر النهار، وأنا إنما أريد أن أبيعه عليه من أجل أن ينتفع به ويسكنه ، فأقول له : لا أبيعك هذا البيت إلا بشرط أن لا تبيعه ، فيلتزم بهذا ، فهذا من مصلحة العاقد (المشتري).
ومثال مصلحة المعقود عليه : عندي عبد له منزلة عالية فجاءني شخص أثق به وآمنه على هذا العبد فقال: بعني عبدك ، فقلت: أبيعك بشرط أن لا تبيعه ؛ لأنني أخشى إذا باع عبدي على إنسان غشيم يظلمه ويذله ، فقلت: نعم أبيعك عبدي بشرط أن لا تبيعه ، فالمصلحة هنا تعود على العبد المعقود عليه .
والصحيح في الصورة الثانية أنها أيضا جائزة ؛ لأنه قد يكون شخص معروفاً بالشر والفساد وعندي عبد ، فجاء شخص ثقة أمين ، فقلت : لا بأس أبيع عليك العبد لكن بشرط أن لا تبيعه على فلان خاصة ، فهذا من مصلحة المعقود عليه . انتهى من" الشرح الممتع :" (8/244) .
وبناء عليه ؛ فإن تلك الجهة التي وضعت هذا الشرط قد يكون لها مصلحة في وضعه ، ومن ثم وضعته ، فلا يجوز مخالفته ، وعلى مَنْ دخل معهم والتزم بالشرط الوفاءُ به ، وحينئذ لا يجوز له بيع ما اشتراه ، ولا التربح ببيعه ، لما قد يعود به على البائع بالضرر ، والربح الذي أخذه من ذلك لا حق له فيه ، فيتصدق به ، ويبقي رأس ماله فقط .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب