الحمد لله.
أولا:
ينبغي للمسلم أن يكون معينا على البر والتقوى ، وأن يكون سدا منيعا أمام الإثم والعدوان ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، فإن لم يستطع أن يكون سدا فلا يجوز له أن يكون جسرا يعبر عليه ذلك الإثم .
قال الله تعالى (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة / 2
.
ثانيا:
تقديم الخدمات والاستشارات التقنية وغيرها للجهات العامة كالاتصالات والأجهزة
الحكومية : جائز ؛ تغليبا لأصله ؛ إذ الأصل في الجهات العامة الحل والإباحة ، إلا
إذا كانت الاستشارة أو التقنية متعلقة بأمر محرم ، كما لو طُلب منكم تقديم استشارة
تقنية تتعلق بالتجسس على المشتركين ، أو تقديم خدمة محرمة ، أو إعلان عن عمل محرم ،
أو سلعة محرمة ، أو نحو ذلك ؛ فالواجب عليكم حينئذ الامتناع عن ذلك ، وعدم مباشرته
.
وينظر جواب السؤال رقم : (112902) .
ثالثا :
البنوك إذا كانت ربوية ؛ فلا يجوز التعاون معها ولا تقديم الاستشارات لها ؛ ويحرم
مباشرة أي من معاملاتها الربوية ، أو الإعانة على هذه المعاملات الربوية . ؛ لما في
ذلك من إعانة المرابين ، وقد جاء في الصحيح لعن المرابي ، ومن أعانه على الربا ،
كما روى مسلم (1598) عن جابر رضي الله عنه قال : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ،
وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : (هُمْ سَوَاءٌ ) ".
فلا يجوز إقرار الربا أو الإعانة عليه بأي وجه من الوجوه .
ومعلوم أن كاتب الربا وشاهده
ونحوهم ممن يعين على الربا ، لا يلزم أن يكون موظفا عند أحد المرابيَيْن حتى يكون
معينا على الربا ، بل إن هذا الإثم يلحقه ، حتى ولو كانت إعانته في معاملة عارضة ،
قام بها مرة واحدة ، فإنه يصدق عليه : أنه كتب ، أو شهد ، أو أعان .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أنا محاسب لدى شركة تجارية وتضطر هذه الشركة
للإقراض من البنك قرضا ربويا ، وتأتيني صورة من عقد القرض لإثبات مديونية الشركة ،
بمعنى هل أعتبر آثما بقيد العقد دون إبرامه ؟
فأجاب : " لا يجوز التعاون
مع الشركة المذكورة في المعاملات الربوية ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن
آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال : هم سواء رواه مسلم ، ولعموم قوله
سبحانه : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (19/285) .
وهذه المسألة التي سئل عنها الشيخ ابن باز رحمه الله، وأجاب فيها بالتحريم ، أهون
من الصورة المذكورة في السؤال ، لما فيها من إعانة قائمة ومتكررة لهذه البنوك
الربوية .
وبناء على هذا ، فهذه الشركة التي تعمل بها لها أنشطة مباحة وأخرى محرمة ، فيجوز لك
العمل بها بشرط أن تتجنب المشاركة أو الإعانة على الأنشطة المحرمة .
ولمزيد الفائدة يراجع السؤال رقم : (81778)
.
وحينئذ : فالواجب عليك أن تتوقى مباشرة المعاملة التي فيها إعانة ، أو استشارة خاصة بالبنوك الربوية ، وتباشر غيرها من المعاملات المباحة .
والله أعلم .
تعليق