الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

مَنْ من العلماء رخص في حلق اللحية ؟

219947

تاريخ النشر : 09-07-2014

المشاهدات : 151126

السؤال


هل هناك من العلماء من رخص في حلق اللحية إلى ما دون حلق الجذور اي اصول الشعر؟

الجواب

الحمد لله.

أما العلماء المتقدمون فلا يعرف منهم من نص على  جواز الأخذ من اللحية حتى تكون أقل من قبضة اليد  .

ففي " فتح القدير " لابن الهمام الحنفي رحمه الله تعالى  ( 2 / 352 ) :

" وأما الأخذ منها وهي دون ذلك – أي أقل من قبضة اليد –كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد " انتهى .

وقد ذهب بعض العلماء المتأخرين إلى القول بكراهة حلقها .

جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 35 / 225 – 226 ) :

" ذهب جمهور الفقهاء : الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، وهو قول عند الشّافعيّة ، إلى أنّه يحرم حلق اللّحية لأنّه مناقض للأمر النّبويّ بإعفائها وتوفيرها ... والأصحّ عند الشّافعيّة: أنّ حلق اللحية مكروه " انتهى .

لكن ينبغي هنا أن نعلم أن الأمر النبوي جاء واضحا بإعفاء اللحية .

فعنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ‏( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَفِّرُوا اللِّحَى  وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ‏)‏ رواه البخاري ( 5892 ) ومسلم ( 259 ) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (‏ جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا الْمَجُوسَ ‏)‏ رواه مسلم ( 260 ) ‏.‏

والمؤمن يبادر إلى امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يبحث عن مخرج وحيلة للتخلص من هذه التكاليف ؛ فلم يكن من هدي الصحابة رضوان الله عليهم أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم أمرا هل هذا للندب أو للوجوب ؟ وهل يمكننا مخالفة هذا الأمر ؟

ولا ينبغي لمن درس الفقه وعلم الفرق بين الواجب والمستحب أن يكون غاية أمره وكل ما استفاده من دراسته أن يعلم أن المستحب يجوز تركه ولا يأثم تاركه .

والمسارعة إلى امتثال ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم هو طريق النجاة .

قال الله تعالى : (  وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ، وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ، وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) النساء (  66 - 68 ) .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

"  ... رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به ، وهو أربعة أمور:

 أحدها : الخيرية في قوله: ( لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ) أي: لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم ، من أفعال الخير التي أمروا بها ، أي: وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار ، لأن ثبوت الشيء يستلزم نفي ضده .

 الثاني : حصول التثبيت والثبات وزيادته ، فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان ، الذي هو القيام بما وعظوا به ، فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب ، فيحصل لهم ثبات يوفقون لفعل الأوامر وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها ، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد . فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو للشكر .

فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك ، ويحصل له الثبات على الدين ، عند الموت وفي القبر .

 وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به ، لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها ، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات .

الثالث: قوله: (  وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا  ) أي: في العاجل والآجل الذي يكون للروح والقلب والبدن ، ومن النعيم المقيم مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر  .

 الرابع: الهداية إلى صراط مستقيم ، وهذا عموم بعد خصوص ، لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم ، من كونها متضمنة للعلم بالحق ، ومحبته وإيثاره والعمل به ، وتوقف السعادة والفلاح على ذلك ، فمن هُدِيَ إلى صراط مستقيم ، فقد وُفِّقَ لكل خير واندفع عنه كل شر وضير " ا.ه. " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 200 ) .

والعلماء عندما يبحثون في أمر ما هل هو للوجوب أو للندب ؟ لا يقصدون بذلك تزهيد الناس في ذلك الأمر وتصغيره في أعينهم ، وإنما القصد من البحث معرفة ما يترتب على تركه لو افترضنا أن إنسانا لم يطع ذلك الأمر .

والواجب على المسلم أن يكون مخلصا في بحثه عن الحق ـ فيسأل عن الحق ليتبعه ويعمل به ، ولا يكون بحثه عن الرخص وعمن قال بها من العلماء ليتبعه عليها .

راجع الفتوى رقم (100909 ) ورقم (1189 ) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب