الحمد لله.
أولا :
يلزم الأب أن ينفق على أولاده الصغار الذين لا مال لهم , وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (111811).
ثانيا:
يلزم الزوج نفقة زوجته المطلقة طلاقا رجعيا خلال العدة ، قال الشيخ صالح الفوزان: " والمطلقة الرجعية زوجة ما دامت في العدة : لها ما للزوجات من نفقة وكسوة ومسكن" . انتهى من الملخص الفقهي (2/317) .
فإذا انتهت العدة ولم يرتجعها : فلا نفقة لها ولا سكنى .
فإن كان الطلاق غير رجعي كالطلقة الثالثة : فلا نفقه لها فترة العدة ولا سكنى ، روى مسلم (1480) أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها طلقها زوجها الثالثة ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما لها من النفقة فقال : ( لا نفقة لك ولا سكنى( .
قال ابن القيم رحمه الله :" المطلقة البائن (غير الحامل) لا نفقة لها ولا سكنى بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، بل الموافقة لكتاب الله ، وهي مقتضى القياس ومذهب فقهاء الحديث ". انتهى من" إعلام الموقعين " (3/378) .
ثالثا: إذا كانت المطلقة حاضنة لأطفال المطلِّق ، فقد ذهب جمع من الفقهاء إلى أنّ الحاضنة لها الحقّ في طلب الأجرة على الحضانة ، جاء في "الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين" (3 / 561) : " عِبَارَةَ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ : سُئِلَ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمُطَلَّقَةُ أُجْرَةً بِسَبَبِ حَضَانَةِ وَلَدِهَا خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ إرْضَاعٍ لَه ُ؟ فَأَجَابَ : نَعَمْ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً عَلَى الْحَضَانَةِ " انتهى.
وفي "الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين" أيضا (3 / 562) : " ثُمَّ حَرَّرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْحَضَانَةَ كَالرَّضَاعِ ، أَيْ فِي أَنَّهَا لَا أَجْرَ لِلْأُمِّ فِيهَا لَوْ مَنْكُوحَةً ، أَوْ مُعْتَدَّةً ، وَإِلَّا : فَلَهَا الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ أَبِيهِ ، أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ " انتهى.
وهذا مذهب الشافعية والحنابلة ، كما سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (82641) .
وكذا إذا لم يكن لها سكن ، فإن عليه أن يوفر لها سكنا ، لكن إن كان لها سكن فلا يجب عليه ذلك ، لكن يسكن الطفل معها تبعا لها على الراجح من كلام محققي الفقهاء .
جاء في "الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين" (3 / 562) : " وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ لُزُومُهُ ( أجر المسكن ) لِمَا قُلْنَا ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَسْكَنٌ ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَهَا مَسْكَنٌ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْضُنَ فِيهِ الْوَلَدَ ، وَيَسْكُنَ تَبَعًا لَهَا : فَلَا ؛ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ أَبِي حَفْصٍ : وَلَيْسَ لَهَا مَسْكَنٌ . وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَرْفَقُ لِلْجَانِبَيْن ِ، فَلْيَكُنْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ " انتهى. ويراجع الفتوى رقم : (85331).
رابعا:: في حال الطلاق ، فإن حضانة الأولاد تكون لأمهم إلى سبع سنوات ، مالم تتزوج الأم , وإذا بلغ الطفل سبع سنين ، فإن كان ذكراً فإنه يخير بين أبويه ، فيختار أحبهما إليه ويكون عنده ، وأما الأنثى فقد اختلف العلماء في ذلك ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (91862) , .
خامسا: ما يفعله والد طفلك من الزنا ومعاقرة الخمور يوجب فسقه ويسقط عدالته ، والفاسق لا حضانة له على الطفل ؛ لأن الحضانة نوع ولاية ، ومن ثبت فسقه وتفريطه في أمر الولاية سقطت ولايته , قال ابن القيم رحمه الله : " قال شيخنا : وإذا ترك أحدُ الأبوين تعليم الصبي ، وأمره الذي أوجبه الله عليه : فهو عاص ، فلا ولاية له عليه ، بل كل من لم يقم بالواجب في ولايته : فلا ولاية له عليه ، بل إما أن تُرفع يده عن الولاية ويقام من يفعل الواجب ، وإما أن يُضم إليه من يقوم معه بالواجب ، إذ المقصود : طاعة الله ورسوله بحسب [ الإمكان ] .
قال : ومما ينبغي أن يعلم أن الشارع ليس عنه نص عام في تقديم أحد الأبوين مطلقاً ،
ولا تخيير الولد بين الأبوين مطلقاً ، والعلماء متفقون على أنه لا يتعين أحدهما
مطلقاً ، بل لا يقدم ذو العدوان والتفريط على البَرِّ العادل المحسن ". انتهى من
"
زاد المعاد " (5/475، 476
)
باختصار.
وقد نص الفقهاء على أن من شروط الحضانة الأمانة ؛ فلا حضانة لفاسق ، جاء في "الشرح الكبير" للدردير و"حاشية الدسوقي" (2 / 528): "... ( وَالْأَمَانَةُ ) ؛ أَيْ : أَمَانَةُ الْحَاضِنِ وَلَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا ، فِي الدِّينِ ؛ فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ ، كَشِرِّيبٍ وَمُشْتَهِرٍ بِزِنًا وَلَهْوٍ مُحَرَّمٍ " انتهى.
وفي "التنبية" في الفقه الشافعي (1 / 211): " ولا حق في الحضانة لأب الأم ، ولا لأمهاته ، ولا لرقيق ، ولا فاسق ، ولا كافر على مسلم" انتهى .
وفي "المهذب" في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (3 / 164): " ولا تثبت لفاسق ؛ لأنه لا يوفي الحضانة حقها ، ولأن الحضانة إنما جعلت لحظ الولد ، ولا حظ للولد في حضانة الفاسق ؛ لأنه ينشأ على طريقه " انتهى.
مما سبق يتبين ما يلي :
1. واجب على طليقك أن ينفق على ولده بما يكفيه .
2. واجب عليه أن يرجع لك ما أخذه من مالك ، إلا أن تتنازلي له عنه بطيب نفس منك ، وسواء كان قد طلقك ، أو أبقاك في عصمته ، فلا يحل له شيء من مالك ، إلا بطيب نفس منك .
3. لا حق له في حضانة الطفل مطلقا ، ما دام مقيما على فجوره ومعاصيه .
4. لو تاب عن معاصيه وأقلع عن فسوقه ، وبلغ الطفل سبع سنوات فإنه يخير بينكما كما بيناه آنفا .
5. إذا سقطت حضانة الوالد لطلفكما ، إما لأنه قبل السابعة ، وإما لفسقه وعدم أمانته ، وكانت الحضانة من حقك ، في شرع الله ، على ما سبق بيانه ، فلا حرج عليك في اللجوء إلى المحاكم الغربية ، إذا اضطررت إلى حفظ حقك الشرعي بذلك ، وخفت عليه أن يأخذه منك بغير حق .
والله أعلم.
تعليق