الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

مسائل تتعلق بالنفقة على الأولاد ، وحضانة الفاسق ، وأجر الحاضنة

220081

تاريخ النشر : 08-09-2014

المشاهدات : 30743

السؤال


لدي طفل يبلغ من العمر 6 شهور من زوجي الذي حصلت على الطلاق منه قبل 4 شهور حيث طلبت الطلاق منه بسبب إحضاره للكثير من المحرمات إلى المنزل مثل : كالكحول والحشيش ، بالإضافة إلى ممارسته الزنا وعدم الصلاة لعدة أيام . وقد حضر لرؤية ابننا مرة واحدة كانت عند ولادته حيث سافر إلى البلد الذي أعيش به لحضور الولادة ، وظل هنا لفترة شهر ونصف لم يعتن خلال هذه الفترة بي أو بابنه ، بل قضاها في النوادي والخروج مع النساء ، بل وصل به الحد إلى أنه كان يأخذ مالي لذلك الغرض ، وهو لم يتحمل نفقة ابنه إلا في مرتين فقط ، فهو لا ينفق علينا ويدعي عدم امتلاكه المال ، ولكنه في نفس الوقت يشتري لنفسه أغراضا ثمينة ، وبسبب حصولي على معاش من الحكومة - على الرغم أنه لا يكفيني - فإنه يرى بأنه لا يجب عليه الإنفاق علينا بالرغم من أنه يعلم بأن ما يفعله لا يصح ، وقد هدّدني أكثر من مرة بأنه سيدمر حياتي وسيأخذ حق الوصاية مني ، فهل يستطيع فعلاً ذلك ؟ هل يستطيع فعل ذلك عندما يبلغ طفلنا ( وَلَد ) السابعة من عمره بالرغم من كل المحرمات التي يفعلها ؟ وماذا لو أصبح مؤهلا للوصاية على ابننا ، هل يستطيع أخذه ؟ فأنا لا أريد أن أشقى في تربية طفلي ليصبح مسلماً ملتزماً بتعاليم دينه ، ومن ثم يقوم والده الذي كان انخراطه في الحرام سبب قيامي بتربية ابني لوحدي والتكفل بكافة المصاريف لوحدي ، ثم يأخذه مني . وفي هذه الحال هل عليه أن يسد كافة المبالغ التي استدانها مني قبل أن يحصل على حق الوصاية ؛ فهو مدين لي بالكثير من المال؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يلزم الأب أن ينفق على أولاده الصغار الذين لا مال لهم , وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (111811).

ثانيا:

يلزم الزوج نفقة زوجته المطلقة طلاقا رجعيا خلال العدة ، قال الشيخ صالح الفوزان:  " والمطلقة الرجعية زوجة ما دامت في العدة : لها ما للزوجات من نفقة وكسوة ومسكن" . انتهى من الملخص الفقهي (2/317) .

فإذا انتهت العدة ولم يرتجعها : فلا نفقة لها ولا سكنى .

فإن كان الطلاق غير رجعي كالطلقة الثالثة : فلا نفقه لها فترة العدة ولا سكنى ، روى مسلم (1480) أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها طلقها زوجها الثالثة ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما لها من النفقة فقال : ( لا نفقة لك ولا سكنى( .

قال ابن القيم رحمه الله :" المطلقة البائن (غير الحامل) لا نفقة لها ولا سكنى بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، بل الموافقة لكتاب الله ، وهي مقتضى القياس ومذهب فقهاء الحديث ". انتهى من" إعلام الموقعين " (3/378) .

ثالثا: إذا كانت المطلقة حاضنة لأطفال المطلِّق ، فقد ذهب جمع من الفقهاء إلى أنّ الحاضنة لها الحقّ في طلب الأجرة على الحضانة ، جاء في "الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين" (3 / 561) : " عِبَارَةَ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ : سُئِلَ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمُطَلَّقَةُ أُجْرَةً بِسَبَبِ حَضَانَةِ وَلَدِهَا خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ إرْضَاعٍ لَه ُ؟ فَأَجَابَ : نَعَمْ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً عَلَى الْحَضَانَةِ " انتهى.

وفي "الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين" أيضا (3 / 562) : " ثُمَّ حَرَّرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْحَضَانَةَ كَالرَّضَاعِ ، أَيْ فِي أَنَّهَا لَا أَجْرَ لِلْأُمِّ فِيهَا لَوْ مَنْكُوحَةً ، أَوْ مُعْتَدَّةً ، وَإِلَّا : فَلَهَا الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ أَبِيهِ ، أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ " انتهى.

وهذا مذهب الشافعية والحنابلة ، كما سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (82641) .

وكذا إذا لم يكن لها سكن ، فإن عليه أن يوفر لها سكنا ، لكن إن كان لها سكن فلا يجب عليه ذلك ، لكن يسكن الطفل معها تبعا لها على الراجح من كلام محققي الفقهاء .

جاء في "الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين" (3 / 562) : " وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ لُزُومُهُ ( أجر المسكن ) لِمَا قُلْنَا ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَسْكَنٌ ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَهَا مَسْكَنٌ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْضُنَ فِيهِ الْوَلَدَ ، وَيَسْكُنَ تَبَعًا لَهَا : فَلَا ؛ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ أَبِي حَفْصٍ : وَلَيْسَ لَهَا مَسْكَنٌ . وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَرْفَقُ لِلْجَانِبَيْن ِ، فَلْيَكُنْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ " انتهى. ويراجع الفتوى رقم : (85331).

رابعا:: في حال الطلاق ، فإن حضانة الأولاد تكون لأمهم إلى سبع سنوات ، مالم تتزوج الأم , وإذا بلغ الطفل سبع سنين ، فإن كان ذكراً فإنه يخير بين أبويه ، فيختار أحبهما إليه ويكون عنده ، وأما الأنثى  فقد اختلف العلماء في ذلك ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (91862) , .

خامسا: ما يفعله والد طفلك من الزنا ومعاقرة الخمور يوجب فسقه ويسقط عدالته ، والفاسق لا حضانة له على الطفل ؛ لأن الحضانة نوع ولاية ، ومن ثبت فسقه وتفريطه في أمر الولاية سقطت ولايته , قال ابن القيم رحمه الله : "  قال شيخنا : وإذا ترك أحدُ الأبوين تعليم الصبي ، وأمره الذي أوجبه الله عليه : فهو عاص ، فلا ولاية له عليه ، بل كل من لم يقم بالواجب في ولايته : فلا ولاية له عليه ، بل إما أن تُرفع يده عن الولاية ويقام من يفعل الواجب ، وإما أن يُضم إليه من يقوم معه بالواجب ، إذ المقصود : طاعة الله ورسوله بحسب [ الإمكان ] .

قال : ومما ينبغي أن يعلم أن الشارع ليس عنه نص عام في تقديم أحد الأبوين مطلقاً ، ولا تخيير الولد بين الأبوين مطلقاً ، والعلماء متفقون على أنه لا يتعين أحدهما مطلقاً ، بل لا يقدم ذو العدوان والتفريط على البَرِّ العادل المحسن ". انتهى من " زاد المعاد " (5/475، 476 )  باختصار.
 

وقد نص الفقهاء على أن من شروط الحضانة الأمانة ؛ فلا حضانة لفاسق ، جاء في "الشرح الكبير" للدردير و"حاشية الدسوقي" (2 / 528): "... ( وَالْأَمَانَةُ ) ؛ أَيْ : أَمَانَةُ الْحَاضِنِ وَلَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا ، فِي الدِّينِ ؛ فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ ، كَشِرِّيبٍ وَمُشْتَهِرٍ بِزِنًا وَلَهْوٍ مُحَرَّمٍ " انتهى.

وفي "التنبية" في الفقه الشافعي (1 / 211): " ولا حق في الحضانة لأب الأم ، ولا لأمهاته ، ولا لرقيق ، ولا فاسق ، ولا كافر على مسلم" انتهى .

وفي "المهذب" في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (3 / 164): " ولا تثبت لفاسق ؛ لأنه لا يوفي الحضانة حقها ، ولأن الحضانة إنما جعلت لحظ الولد ، ولا حظ للولد في حضانة الفاسق ؛ لأنه ينشأ على طريقه " انتهى.

مما سبق يتبين ما يلي :

1. واجب على طليقك أن ينفق على ولده بما يكفيه .

2. واجب عليه أن يرجع لك ما أخذه من مالك ، إلا أن تتنازلي له عنه بطيب نفس منك ، وسواء كان قد طلقك ، أو أبقاك في عصمته ، فلا يحل له شيء من مالك ، إلا بطيب نفس منك .

3. لا حق له في حضانة الطفل مطلقا ، ما دام مقيما على فجوره ومعاصيه .

4. لو تاب عن معاصيه وأقلع عن فسوقه ، وبلغ الطفل سبع سنوات فإنه يخير بينكما كما بيناه آنفا .

5. إذا سقطت حضانة الوالد لطلفكما ، إما لأنه قبل السابعة ، وإما لفسقه وعدم أمانته ، وكانت الحضانة من حقك ، في شرع الله ، على ما سبق بيانه ، فلا حرج عليك في اللجوء إلى المحاكم الغربية ، إذا اضطررت إلى حفظ حقك الشرعي بذلك ، وخفت عليه أن يأخذه منك بغير حق .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب