الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

متزوجة وأحبت زميلها في العمل وتطلب النصيحة

220186

تاريخ النشر : 29-11-2014

المشاهدات : 222915

السؤال


أنا سيدة في منتصف الثلاثينات ، متزوجة ، على درجة متوسطة من الجمال والدين ، أحاول الالتزام والتقرب إلى الله دائماً ، نشأت في أسرة رائعة ، أنعم الله علي بكل شيء ، نعمه لا تعد ولا تحصى، وأنا صادقة في كل ما أقوله ، أنعم الله علي بالصحة والشكل والعلم والمال والخلق والدين والأسرة والعائلة والزوج والأبناء ( بنين وبنات ) والأصدقاء ، وغيره كثير، فالحمد لله كثيراً ، وأنا راضية كل الرضا.

مشكلتي هي :

رئيسي وزميلي في العمل ، يكبرني بسبع سنوات ، وهو من نفس جنسيتي ، حيث إننا نعمل في إحدى دول الخليج ، بدأت تنشأ علاقة حب بيننا، كلٌ منا في نفسه ، إلى أن جاء وعبر عن مشاعره لي ، تقريباً أبادله نفس المشاعر ، هو متزوج وأنا متزوجة ، زوجي رجل رائع ، يحبني كثيراً ، ودائما يعبر عن حبه ، بل عشقه لي ، يعاملني أفضل معاملة ، وكريم معي ، مشكلتي مع زوجي هو أنه عصبي جدا جدا ، معي أو مع أبنائه أو أهله أو أي أحد ، وأيضاً مشكله أخرى أني أشعر معه بالفتور في المشاعر، أحبه ، لكن حب عادي ، ليس كما أرى أو أسمع من بعض صديقاتي عن عشقهم لأزواجهم ، وأيضاً ليس كما هو يحبني ، ومعظم من حولنا يلاحظ هذا ، هذا الفتور أدى إلى فتور في العلاقة الحميمة ، لا أحبها ، ودائما أتهرب منها ، وإن حدثت ، غالبا لا أشعر بأي متعة ، على عكسه هو يحبني ، وكثيرا ما يطلب هذا الموضوع ، وحتى لو رفضت : يأخذه ، طلبت منه الزواج بأخرى ، لكنه رافض ، رغم أنه في بعض الأحيان يخبرني بأنه سيتزوج ، وبعد ذلك يقول لي : إنه كلام مزح فقط المهم الآن ، أنا وزميلي في العمل بيننا مشاعر ، ونتكلم ونتحدث مع بعض ، فماذا افعل ؟ هل أطلب الطلاق من زوجي ، وأذهب وأرتبط من زميلي ؟! أم ماذا افعل ؟

أحيانا أخاف أن أقع في المعصية ، أعرف أنك ستقول لي : اتقي الله في زوجك الذي يحبك ، وأولادك ، وحرام ما تفعلينه ، وغيره من الكلام المعروف ، والذي أصدقه ، ولكن هل لو وقعت في الزنا - والعياذ بالله - ، سيكون هذا كلامك ، أو كلام الناس ؟! لا ، سيتغير الكلام ، سيقال لي : لماذا لم تطلبي الطلاق ، وهو حلال ، وتتزوجي من الآخر ، والزواج مرة أخرى أيضا حلال ، سيتغير الكلام ، أنا لا أريد أن أخون زوجي ، حتى لو بالكلام ، ولا أريد أن أظلم أبنائي ، وفي نفس الوقت لا أريد أن أظلم نفسي ، والأهم من ذلك لا أريد أن أغضب ربي ، كل ما أريده هو الحلال ، ودائماً ما أقول اللهم اكفني بحلالك عن حرامك ، أرجو الرد ، وتوجيه النصيحة لي، وماذا افعل ؟!

علما بأن زميلي هذا أيضاً ملتزم ، وعلى أتم الاستعداد بالزواج مني إذا سمحت الظروف ، ويقول لي سأنتظر حتى لو بعد عشر سنوات .

الجواب

الحمد لله.


اسمحي لنا ، يا أمة الله ، أن ندخل مباشرة إلى جوهر المشكلة ، بحسب ما ورد في رسالتك ، من غير مقدمات طويلة ، ومن غير أن ندخل في مشكلات جانبية ، يمكن التفاهم حولها ، أو التعايش معها.
جوهر المشكلة يكمن في علاقتك بهذا الرجل ، الأجنبي ، المتزوج ، وأنت أيضا : زوجة ، وأم !!
تلك العلاقة التي انعكست ـ طبيعيا ـ على علاقتك الخاصة بزوجك ، ثم تطورت في كلا الطرفين : إلى الحد الذي تصفينه !!
إما أن تفارقي زوجك ، لتتزوجي بذلك الرجل الآخر ، زميل العمل ، وإما الأمر الآخر ، الذي تصفين ..
ونحن معك في أن الكلام على من وقع في الزنا ، ونعيذك بالله من ذلك ، ليس كالكلام مع من لم يقع فيه .
وليس الكلام مع من خشي الوقوع في الزنا ، كالكلام مع من أمن على نفسه من التورط فيه .
لكننا نقول لك : لماذا تتصورين أن الأمر دائر بين خيارين اثنين فقط ، أحلاهما مر ؛ إما أن تفارقي زوجك ، وتهدمي بيتك ، لتستجيبي إلى داعي الهوى ، والرغبة في الرجل الغريب ، وإما أن تكون الداهية الدهياء ، ومواقعة البلاء ؟
ولماذا تريدين منا أن نفهم : أنه ليس إلا هذان الأمران المحرمان ؟!
وتريدين أن تختاري بينهما ، ونساعدك نحن على ذلك !!
لقد ذكرت لنا طرفا من نعم الله عليك ، ونسيت ، وسوف تنسين ، بل سوف تعجزين ، أنت والبشر كلهم ، عن أن تحصي نعم الله عليك ؛ أفهكذا يكون شكر النعم ، وجزاء المنعم عليك ؟!
أهكذا يكون حال الشاكرين ، أم الظالمين لأنفسهم ، يا أمة الله ؟
( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم/34 .
إن أمامك طريقا طويلا ، مع نفسك ، وفرائض بينك وبين ربك ، ينبغي عليك أن تعلميها ، ومسالك يتحتم عليك أن تسلكيها ، قبل أن تضعي نفسك ، وتضعينا معك في هذا الخيار الصعب المر .
ليس هكذا يكون حال من رضي عن الله ، كل الرضا ، يا أمة الله .
ليس هكذا يكون حال من خاف أن يغضب ربه ، وقد علم أن معصية الله : هي ما يغضبه من عبده ، ويعلم أن الزنا من أعظم ما يغضب الله على عبده .
إن الله يغار على حرماته ، أن تنتهك ، يا أمة الله .
إن الله يغار من فعل الفواحش ، ولهذا حرمها ، جل جلاله .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) رواه البخاري (6968) ، ومسلم (2760) .
وعن عائشة ، أم المؤمنين ، رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ) رواه البخاري (4923) ، ومسلم (1494) .
يا أمة الله .. ألم تعلمي ما ينتظر الخائفين من ربهم ، المعظمين لمقامه ، المراقبين له ؟
( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) الرحمن/46 .
يا أمة الله ؛ ألم تعلمي أن الخوف من ربك ، وتعظيم مقامه ، جل جلاله ، لا يجتمع مع اتباع الهوى ، وشهوات النفوس ؛ وأن من مقتضى الخوف من ربك جل جلاله : أن تطلبي مرضاته ، وأن تمنعي نفسك هواها ؟!
قال الله جل جلاله : ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) النازعات/37-41 .
حسنا ، تعالي بنا نعود إلى جوهر المشكلة ، يا أمة الله .
لماذا تحصرين الحل في خيارين : كلاهما من اتباع الهوى ، وشهوات النفوس ؟!!
لماذا لا يكون الحل : أن تشتري دينك ، بما أنت فيه من الدنيا ؟!
لماذا لا تكون أول خطوة في الحل : أن تتركي العمل في ذلك المكان ، الذي عَرَّفَك وربطك برجل أفسدك على زوجك ؟
لماذا لا يكون أول خطوة في طريقك : أن تخافي مقام ربك ، وتنهي نفسك عن هواها .
لماذا لا تضحين بدنيا زائلة من أجل أن تحفظي دينك ؟!
هذا هو جوهر المشكلة ، يا أمة الله .
أنك لا تريدين أن تخوضي ذلك الصراع مع نفسك .
لا تريدين الصبر على مرارة الدواء .
إنك تسمعين عن قصص حب الأزواج ، فتقارنين ذلك بما بينك وبين زوجك ، أين محبتك له ، أين علاقتك الحميمة معه ، أين ، وأين ، وأين؟
إن جوهر المشكلة ليست في زوجك ، كما بدا لنا جليا في سؤالك.
إن جوهر المشكلة هو في تلك العلاقة التي شتتت عليك أمرك ، وشغفت قلبك ، وشغلتك بالوساوس والخطرات وأهواء النفوس .
تذكري حالك قبل أن يظهر هذا الرجل في حياتك ، كيف كنت مع زوجك وأسرتك ؟ بل كيف كنت مع ربك جل جلاله ؟!!
حسنا ، قدري حياتك من غير أن يظهر فيها هذا الرجل ، كيف كنت ستتعاملين مع حياتك ، وزوجك ، مع ما عنده ـ وعندك أيضا ـ من نقص ، أو قصور ، أو تقصير .
ألم تعلمي ما ورد من الوعيد في حق من خبب امرأة (أي : أفسدها) على زوجها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا ) رواه أبو داود (2175) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
ألم تعلمي ما جاء من الوعيد الشديد فيمن تطلقت من زوجها ، أو اختلعت منه ، من غير سبب يلجئها إلى ذلك ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امرَأَةٍ سَأَلَت زَوجَهَا طَلَاقًا فِي غَيرِ مَا بَأسٍ فَحَرَامٌ عَلَيهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ ) رواه الترمذي (1187 )، صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
ألم تعلمي أن أول خطوة قادتك إلى النظر .. والكلام .. والسلام ... ألم تعلمي أنها كانت من خطوات الشيطان ؟ وقد قال الله جل جلاله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 .
ألم تعلمي أن أصل العلاقة بينك وبين هذا الرجل : باطل .
وأن إفساده لك ، ومواعدته إياك على الزواج : باطل .
وأن طلب الخلع والطلاق ، من غير بأس : باطل.
وأنك لو تطلقت من زوجك ـ فعلا ـ ثم تزوجت بهذا الرجل ، فإن زواجك منه ـ عند بعض أهل العلم الكبار ـ : باطل !!
فلأي شيء تريدين لنفسك أن تتقلب من : باطل ، إلى باطل ؟!
أتظنين ، يا أمة الله ، أنك وحدك من بين النساء ، هي التي تنجذب لرجل آخر ، إذا وقعت في نفس ظروفك ؟
كلا ؛ فإن من شأن الشيطان : أن يزين الحرام ، ويغري به ، ويزهدك في الحلال ، وينفرك منه ، فيرغب الرجل في المرأة الأجنبية ، وإن كانت دون ما عنده من الحلال بكثير .
وهكذا يفعل بالمرأة .
أرأيت : لو أن كل امرأة عرضت نفسها لذلك ، وتعلقت برجل ، سألت الطلاق من زوجها كم سيبقى لنا من البيوت من غير طلاق ، ولا فساد ؟!!
إننا لا نرى لك حلا : إلا بأن تقطعي حبال العلاقة مع هذا الرجل.
أن تتخذي قرارا شجاعا بترك ذلك العمل الذي يربطك به .
وتنتقلي من المكان الذي يدلك عليه ، وتقطعي الطريق الذي يوصلك إليه .
إننا لا نرى لك إلا أن تشتري دينك بدنياك ، وتقوى ربك وتعظيم مقامه ، بأن تخالفي هواك .
بل إننا نرى لك أن تأخذي إجازة من عملك كله ، في بلدك ، وفي غير بلدك .
وتتفرغي وقتا كافيا : لبيتك ، وزوجك ، إلى أن تتعافي مما أنت فيه من البلاء .
لا شك أن الأمر في أوله صعب .
وهكذا شأن الدواء .
وهكذا شأن الصبر ، مر ، كالحنظل ، لكن قد قال الله جل جلاله : ( قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر /10.
الصبرُ: مثل اسمه ؛ مر مذاقته * لكن عواقبه : أحلى من العسل !!
فقط : عليك أن يكون عندك الإرادة الصادقة للخروج مما أنت فيه .
ساعتها ، انظري ، كيف يكون أمرك ، وكيف يستقيم عيشك مع زوجك ..
وساعتها يمكن أن نتحدث معك عن أية مشكلات جانبية ، إن كان قد بقي منها شيء .
هل رأيت طبيبا عاقلا : يقطع يد المريض أو قدمه ، أو ينزع منه كليته ، وأمامه طريق العلاج ؟!
سوف تقولين : العلاج ليس مضمون النتيجة .
فنقول : وهل كل الأطباء يضمنون النتيجة قبل العلاج ؟
هذا مع ما في التشبيه من الفارق بين الأمرين : إن هذا العلاج الذي نصفه لك : أقل ما يقال فيه : إنه مطلوب منك طلبا مؤكدا ، لأن فيه مرضاة الله ، لأنه أقرب للتقوى ، لأنه أبعد عن الإثم والعدوان والفواحش.
إن الكي : آخر الدواء ، والبتر أبعد من الكي ، عند كل العقلاء .
فلماذا تفكرين في البتر ، وفي أيدينا العلاج ؟
ومتى قطعت الأمل والرجاء في ذلك الرجل ، وفي غيره من الرجال : إلا زوجك .
ومتى نهيت نفسك عن هواها ، ومنعت قدمك من خطوات الشيطان .
فإن بقي في نفسك شيء ، فساعتها يكون لنا رأي وكلام .
ولكل حادث .. حديث !!
نسأل الله أن يطهر قلبك ، ويحصن فرجك ، ويستر عورتك ، ويرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه ، وأن يلهمك رشدك .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (45520) ، ورقم : (170833) ، ورقم : (125191) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب