الحمد لله.
لا نعلم دليلا على تحريم النظر إلى صور الرجال الفوتوغرافية ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل فتح مكة ومعه أصحابه ومكث بمكة ثلاث عشرة سنة ، وحول الكعبة أصنام كثيرة ، وعلى الصفا والمروة صنمان من أصنام الجاهلية ، يدعيان: "إسافا" و "نائلة" ، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى الصحابة عن النظر إلى التماثيل حول الكعبة أو على الصفا والمروة ، أو غيرها ، مع أن تحريم التماثيل أشد من تحريم ما عداها من الصور .
ولعل من منع من النظر إليها يحتج بحديث عائشة الذي رواه البخاري ومسلم حينما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت وقد علقت سترا فيه تصاوير ، فقام على الباب ، وأبى أن يدخل ، حتى نزعته . وبما أخرجه البيهقي عن أبي مسعود " أن رجلا صنع طعاما فدعاه فقال : أفي البيت صورة ؟ قال : نعم . فأبى أن يدخل حتى تكسر الصورة " وصحح إسناده ابن حجر في " الفتح " (9/ 249) ، وغيرها من الأحاديث والآثار .
ويجاب عن ذلك بأن عدم دخول بيت فيه صورة إنما هو لزجر متخذ الصورة ومقتنيها ؛ وليس من أجل أن تحريم النظر إلى الصور محرم .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فأما دخول منزل فيه صورة فليس بمحرم ، وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبةً للداعي بإسقاط حرمته لإيجاده المنكر في داره ... وروى ابن عائد في فتوح الشام أن النصارى صنعوا لعمر رضي الله عنه حين قدم الشام طعاما فدعوه فقال : أين هو ؟ قالوا : في الكنيسة ، فأبى أن يذهب ، وقال لعلي : امض بالناس فليتغدوا ، فذهب علي رضي الله عنه بالناس فدخل الكنيسة وتغدى هو والمسلمون ، وجعل علي ينظر إلى الصور ، وقال : ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل ... وكون الملائكة لا تدخله لا يوجب تحريم دخوله علينا كما لو كان فيه كلب ، ولا يحرم علينا صحبة رفقة فيها جرس مع أن الملائكة لا تصحبهم ، وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبةً لفاعله ، وزجراً له عن فعله . والله أعلم " .
انتهى من " المغني " (7/ 283) .
ثانيا :
ما ذكره السائل من الصور الموجودة في ألعاب " البلايستيشن " فالمحرم من الصور هو ما كان ثابتا كالتماثيل والصور الفوتوغرافية ، وأما الصور التي تظهر في التلفاز أو الفيديو أو الهاتف المحمول ، أو البلايستيشن ، فلا تأخذ حكم الصور المحرمة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (101257) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقيل له : لقد سمعت أن هناك كمبيوتر ألعاب ، وهناك أشرطة فيديو إسلامية ، وأفلام كرتون .. ولكن أليست أفلام الكرتون تدخل في تحريم الصور لأنها رسوم باليد ؟
فأجاب : " هذه الصور ليست صورا مرئية ، لأن الشريط لو رآه الإنسان بمجرد العين ما رأى شيئا حتى يعرض على الجهاز الذي يخرج الصور التي بهذا الشريط ، فلا تدخل في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ) " .
انتهى من " اللقاء الشهري " رقم (49) .
والشخص الذي يذهب للمتجر ويشتري منه هذه الأشياء لا يشتريها من أجل ما فيها من صور ، بل لما فيها من اللعب ، فهو لم يصورها ولم يأمر بها فلا تشمله الأحاديث الدالة على تحريم التصوير.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن احتجاج بعض الإخوان بأنه إذا كانت الرسوم اليدوية محرمة ، فالرضا بها ، وإحضارها كذلك ، لأن الراضي كالفاعل ؟
فأجاب : " لا ، غير صحيح ، ليس بلازم . لأنني لم أحضر الرسم وأرضى به ، وإنما أتاني مرسوماً " انتهى من " ثمرات التدوين " المسألة رقم (34) .
والله أعلم .
تعليق