الحمد لله.
أولا :
نهنئك على حكمتك ؛ وذلك بطلبك الاستشارة قبل الإقدام على العمل ، والمسلم مطالب قبل أي عمل أن يتعرف على أحكامه ، وخاصة إذا كان هذا العمل من الأعمال المهمة في حياة الإنسان ، ولها تبعات قد تلازمه إلى آخر عمره كما هو شأن الزواج .
قال الإمام النّووي رحمه
الله تعالى :
" قال الله تعالى : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) والأحاديث الصحيحة في ذلك
كثيرة مشهورة ، وتغني هذه الآية الكريمة عن كل شئ ، فإنه إذا أمر الله سبحانه
وتعالى في كتابه نصا جليا نبيه صلى الله عليه وسلم بالمشاورة مع أنه أكمل الخلق ،
فما الظن بغيره !
واعلم أنه يستحب لمن همّ بأمر أن يشاور فيه من يثق بدينه وخبرته وحذقه ونصيحته
وورعه وشفقته " انتهى من " الأذكار " (ص/277) .
وقال الشيخ عبد الرحمن
السعدي رحمه الله تعالى :
" المشاور لا يكاد يخطئ في فعله ، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب ، فليس بملوم ، فإذا
كان الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم : وهو أكمل الناس عقلا ، وأغزرهم علما ،
وأفضلهم رأيا : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) فكيف بغيره ؟! " انتهى من " تيسير
الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/154) .
وينظر أيضا للفائدة الكلام عن صلاة الاستخارة في جواب السؤال : (11981) .
ثانيا :
عليك ألا تقدمي على أي زواج دون علم والديك ، لأن الولي وهو هنا والدك شرط في صحة
عقد الزواج ، وللفائدة راجعي الفتوى رقم : (20213)
، ولأن الزواج بغير علمهما سيجلب عليك من المشاكل ما يصعب حله وتقعين في الشقاء من
حيث أردت السعادة ، وللعبرة والعظة طالعي سؤال الفتوى رقم : (201951
) ، والسعيد من وعظ بغيره .
ثالثا :
ما دمت خائفة من وقوع مشاكل بين العائلتين إذا أقدم أهل الشاب على خطبتك ، فالذي
نراه لك : أن تقتصر هذه المحاولة ، على كلام عمتك لهذا الشاب وأهله ، ومعرفة مدى
رغبتهم فيك وفي أسرتك ، ولو تلميحا ، دون ذكر لأي دور لك في ذلك بالطبع ، فإن آنست
منهم رغبة وحرصا ، فسيكون دورها بعد ذلك في إقناع أهلك بقبول هذا الشاب مدى تقدم لك
.
فإن وافق ذلك قبولا لدى أسرتك ، أو تمكنت عمتك من إقناعهم ، فبها ونعمت ، والحمد
لله ؛ وإلا فالواجب أن يقتصر الأمر على ذلك ، وينتهي ، وليست هذه بأول ولا آخر
تجربة مشابهة ، ولا يكتب لها التوفيق ، واطوي عنك هذه الصفحة بالكلية ، وليكن هذا
آخر عهدك بالشاب ، والتفكير فيه ، لا يستهوينك الشيطان ، ولا يجرنك إليه بحبال
الأوهام ، فتضيعي عمرك وشبابك في أحزان لا وجه لها ، وأوهام لا طائل من ورائها ،
وأنت ما زلت في مقتبل شبابك ، صغيرة السن ، والرجاء في كرم الله وفضله ، أنك إذا
أطعت والديك ، ولم تدخليهم في حلقة المشكلات ، والمنغصات ، أن يبدلك الله خيرا منه
، ويرزقك من فضله : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ
قَدْرًا ) الطلاق/2-3 .
نسأل الله تعالى أن يهديك لما فيه الخير .
والله أعلم .
تعليق