الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

لماذا لم يرو البخاري عن أبي حنيفة والشافعي ولم يخرج لهما في صحيحه ؟

221368

تاريخ النشر : 26-11-2014

المشاهدات : 54655

السؤال


لماذا لم يرو الإمام البخاري عن الإمام الشافعي وأبي حنيفة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لم يرو الإمام البخاري مباشرة عن كل من الإمامين أبي حنيفة والشافعي رحمهم الله جميعا لسبب واضح لا اختلاف عليه ، وهو أن البخاري لم يدرك أيا منهما:
فقد ولد البخاري سنة (194هـ)، أي بعد وفاة الإمام أبي حنيفة بأربع وأربعين سنة ، فقد توفي أبو حنيفة رحمه الله سنة (150هـ).
ولم يدرك البخاريُّ الشافعيَّ أيضا ، أو بعبارة أدق كان صغيرا جدا ، فقد توفي الشافعي سنة (204هـ) وعمر البخاري عشر سنوات فقط ، فمن المؤكد أنه لم يحدث عنه .
إذن فأبو حنيفة والشافعي أعلى طبقة من الإمام البخاري ، لذلك لا يمكن الحديث عن سبب آخر في ضوء هذه الحقائق التاريخية التي يمكن التثبت منها في كتب التراجم .
ثانيا :
لم يخرج البخاري شيئا من أحاديث أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله ، أي أنه لم يحدث بحديث ورد من طريقهما عن بعض تلاميذهما ، وذلك لسببين :
السبب الأول :
أن البخاري رحمه الله كان يتشدد في الأسانيد كثيرا ، فكان يرى اشتغال الإمام أبي حنيفة في الفقه أكثر منه في الحديث ، الأمر الذي نزل به عن مرتبة الحفظ والإتقان المطلوبة في " الجامع الصحيح " الذي رسم البخاري خطته للتصنيف ، لذلك لما ترجم لأبي حنيفة رحمه الله في " التاريخ الكبير " (8/81) قال فيه : " سكتوا عنه ، وعن رأيه ، وعن حديثه " انتهى ، وهي من كلمات البخاري البالغة في الأدب مع الأئمة الكبار ، حيث يدل القارئ على ضعف حديث الراوي بقوله : سكتوا عنه . أو : سكتوا عن حديثه .
السبب الثاني :
أما الإمام الشافعي رحمه الله فسبب عدم إخراج البخاري أي حديث من طريقه ليس هو عدم قناعته بحفظ الشافعي وثقته ، فقد ترجم له في " التاريخ الكبير " (1/42) ولم يقدح في حفظه بأي مطعن . وإنما لأن البخاري كان يبحث عن الشيوخ الأكبر سنا والأعلى طبقة من الشافعي ، كي يعلو إسناده ويقترب من النبي صلى الله عليه وسلم بأقل عدد ممكن من الرواة ، فكان إذا أراد أن يحدث من طريق الشافعي سيضطر للأخذ عن أحد تلاميذ الشافعي ، عن الشافعي نفسه رحمه الله ، في حين أنه تيسر للبخاري أن يأخذ عمن هم في طبقة الشافعي نفسه مباشرة ، فقد أدرك بعضهم ، وسمع ممن رووا عن شيوخ الشافعي مباشرة ، فلا حاجة للنزول في الإسناد ما دام العلو متيسرا .
يقول الخطيب البغدادي رحمه الله :
" الذي نقول في ترك [ البخاري ] الاحتجاج بحديث الشافعي ، إنما تَرَكه لا لمعنى يوجب ضعفه ، لكن غِنى عنه بما هو أعلى منه ، وذلك أن أقدم شيوخ الشافعي الثقات الذين روى عنهم : مالك بن أنس ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وداود بن عبد الرحمن العطار ، وسفيان بن عيينة .
والبخاري لم يدرك الشافعي ، وروى عن من كان أكبر منه سنا ، وأقدم منه سماعا ، مثل : مكي بن إبراهيم البلخي ، وعبيد الله بن موسى العبسي ، وأبي عاصم الشيباني ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وخلق يطول ذكرهم .
وهؤلاء الذين سميتهم رووا عن بعض التابعين .
وحدثه أيضا عن شيوخ الشافعي جماعة ، كعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وعبد الله بن يوسف التنيسي ، وإسماعيل بن أبي أويس ، وعبد العزيز الأويسي ، ويحيى بن قزعة ، وأبي نعيم الفضل بن دكين ، وخالد بن مخلد ، وأحمد بن يونس ، وقتيبة بن سعيد - وهؤلاء كلهم رووا عن مالك ، ومنهم من روى عن الدراوردي - وكسعيد بن أبي مريم المصري ، وأبي غسان النهدي ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، وعلي بن المديني - وهؤلاء رووا عن سفيان بن عيينة ، وفيهم من يحدث عن داود بن عبد الرحمن العطار -.
وغير من ذكرت أيضا ممن أدرك شيوخ الشافعي قد كتب عنه البخاري .
فلم ير أن يروي عنه حديثا ، عن رجل ، عن الشافعي ، عن مالك ، وقد حدثه به غير واحد عن مالك كما رواه الشافعي ، مع كون الذي حدثه به أكبر من الشافعي سنا ، وأقدم سماعا " .
انتهى من " الاحتجاج بالشافعي " (ص38-39) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب