الحمد لله.
أولا :
الموسيقى حرام مهما كان اسمها . قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ) رواه البخاري ( 5590 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا
اسم يتناول هذه الآلات كلها " انتهى من " مجموع الفتاوى " (11/535) .
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم : ( 5000 )
.
وهذا الغناء الذي سألت عنه لا يختلف حكمه عن حكم سائر الغناء المحرم والموسيقى .
قال ابن القطان رحمه الله
تعالى :
" والغناء الذي يتغنى به الفساق ؛ وهو الغناء المنهي عنه : مذموم عند الجميع "
انتهى من " الإقناع في مسائل الإجماع " (2/304) .
وللغناء مفاسد عظيمة بسط
الكلام عنها ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه " إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان
" ، فمن ذلك :
1- أنه يلهي القلب ويصده عن القرآن .
" فلا تجد أحداً عني بالغناء وسماع آلاته ، إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علماً
وعملاً ، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء ، بحيث إذا عرض له سماع
الغناء وسماع القرآن عدل عن هذا إلى ذاك ، وثقل عليه سماع القرآن ، وربما حمله
الحال على أن يسكت القارئ ويستطيل قراءته ، ويستزيد المغني ويستقصر نوبته " انتهى
من " إغاثة اللهفان " (1/420 - 426) .
2- أنه يورث النفاق في القلب .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " فإن أساس النفاق : أن يخالف الظاهر الباطن ،
وصاحب الغناء بين أمرين : إما أن يتهتك فيكون فاجراً ، أو يظهر النسك [ العبادة ]
فيكون منافقا ......
وأيضاً : فمن علامات النفاق : قلة ذكر الله ، والكسل عند القيام إلى الصلاة ، ونقر
الصلاة ، وقل أن تجد مفتوناً بالغناء إلا وهذا وصفه ...
وقال عمر بن عبد العزيز: " إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب "
.
فالغناء يفسد القلب ، وإذا فسد القلب هاج فيه النفاق " انتهى من " إغاثة اللهفان "
(1/441 – 442) .
3- أنه طريق إلى الزنا ، خاصة بالنسبة للنساء لسهولة تأثرهن .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وهذا لأن المرأة سريعة الانفعال للأصوات جداً ،
فإذا كان الصوت بالغناء صار انفعالها من وجهين : من جهة الصوت ، ومن جهة معناه "
انتهى من " إغاثة اللهفان " (1/436) .
ثانيا :
قولك : ( أحيانا أقول : إن الغناء عن الحب العذري لا بأس فيه ) .
ينبغي أن نعلم أن الإسلام حينما حرم الغناء ؛ لم يكن الغناء في ذلك الزمان يتناول
إلا هذا الذي تسمينه حبا عذريا ، فقد كانوا يتغنون بالشعر ؛ وشعر ذلك الزمن لم يكن
فيه أكثر من ذكر أوصاف المحبوب ، ولم يكن فيه ذكر الفواحش صراحة [ وهذا في الغالب ]
. ولعله كان أقل شرًا من غناء زماننا هذا ؛ فمعازفه لم تكن شديدة التأثير كما هي
معازف اليوم ، ولم يكن المغنون في ذلك الزمن شديدي التهتك والخلاعة كما هو حال
المغنين الآن .
ثم هذا الذي تسمينه حبا عذريا هو في حقيقته دعوة إلى عشق الرجل لصورة المرأة ومفاتنها وإلى عشق المرأة لصورة الرجل ، وهل أول خطوة إلى فاحشة الزنا غير هذا العشق والافتتان ؟! فكل ما يدعو إلى تعلق الفتاة بشاب أجنبي عنها في غير زواج هو خطوة من خطوات الشيطان مهما كان اسمه ، ثم هذه الخطوة تجر الإنسان إلى خطوة أخرى حتى يقع فيما يريده الشيطان منه في نهاية الأمر ، ولذلك حذرنا الله تعالى من ذلك فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) النور/21 .
ثالثا :
أنت بحمد الله تعالى متفطنة ومتيقظة لمكمن الخطر ، فقد وصفت نفسك بأنك مراهقة سهلة
التأثر . فلم يبق إلا أن تكوني صادقة العزم في تجنب هذا الخطر .
وأول خطوة وأهمها للابتعاد والهروب والنجاة من هذا الخطر ، هي ترك الصاحبات اللاتي
هن عائق لك عن النجاة وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يصاحب المؤمن إلا
مؤمنا .
وذلك ليكون عونا له على طاعة الله تعالى ، فإذا احتاج صاحبه إلى نصيحة نصحه ، وإذا
غفل عن الله ذَكَّره ..... وهكذا .
وليس المقصود من هذه النصيحة أن تبادري إلى قطع علاقتك بهؤلاء الفتيات . بل عليك أولا أن تنصحيهن بأن يتبن ويقبلن على الله تعالى ، فإن لم يستجبن فعليك بعد ذلك أن تتركي صداقتهن .
وثقي بوعد الله تعالى بأن من
ترك شيئا لوجه الله تعالى عوضه الله خيرا منه . قال النبي صلى الله عليه وسلم : (
إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ ، إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ
خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ ) رواه الإمام أحمد في مسنده (38/170) ، وقال الألباني : سنده
صحيح على شرط مسلم " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (1/62) .
وعليك بملازمة تقوى الله تعالى فهي المخرج من كل هم وباب للسعادة . قال الله تعالى
: ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ
أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق /2 – 3 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي
رحمه الله :
" فكل من اتقى الله تعالى ، ولازم مرضاة الله في جميع أحواله ، فإن الله يثيبه في
الدنيا والآخرة.
ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجًا ومخرجًا من كل شدة ومشقة .
وكما أن من اتقى الله ، جعل له فرجًا ومخرجًا ، فمن لم يتق الله ، وقع في الشدائد
والآصار والأغلال ، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها " انتهى من "
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/1026) .
والله أعلم .
تعليق