الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز لغير المؤذن أن يقيم الصلاة بدون إذنه ؟

222241

تاريخ النشر : 19-11-2014

المشاهدات : 104526

السؤال


ما حكم إقامة الصلاة دون إذن المؤذن ، مع العلم أنّ الإمام والمصلين يلتزمون الصمت تجاه هذا الفعل ؟

الجواب

الحمد لله.


الأصل أن الإقامة حق المؤذن ، فلا يقيم الصلاة إلا المؤذن أو من ينوبه أو يوكله ، وكذا إذا تأخر عن إقامة الصلاة لعذر فإنه يقيم الصلاة غيره بإذن الإمام ، ولا يصح أن يقوم أحد المصلين من تلقاء نفسه فيقيم الصلاة بحضرة الإمام والمؤذن ، دون أن يوكله المؤذن ، أو يأذن له الإمام لتأخر المؤذن عن وقت الإقامة لعذر أو غيره .
ولا يقيم المؤذن أو من ينوبه إلا بإذن الإمام .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (6/ 12):
" قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ : يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّى الإْقَامَةَ مَنْ تَوَلَّى الأْذَانَ ، وَوَافَقَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يَتَأَذَّى مِنْ إِقَامَةِ غَيْرِهِ ، لأِنَّ أَذَى الْمُسْلِمِ مَكْرُوهٌ .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ رَجُلٌ وَيُقِيمَ غَيْرُهُ ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ لاَ يَتَأَذَّى مِنْ إِقَامَةِ غَيْرِهِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الأفضل أنه يتولى الإقامة من يتولى الأذان ، هذا هو الأفضل ، ولو أقام غيره فلا حرج ، ولكن الأفضل أن المؤذن هو الذي يقيم كما كان بلال يؤذن ويقيم رضي الله عنه، لكن لو أقام غيره ، بأن شُغل المؤذن أو سمح بأن يقيم غيره : فلا بأس بذلك " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (6/ 341) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قوله: "ويقيم من أذَّن" ، أي: يتولَّى الإقامةَ من يتولَّى الأذان؛ لأن بلالاً رضي الله عنه كان هو الذي يتولَّى الإقامة وهو الذي يؤذِّن ، وهذا دليل من السُّنَّة .
وأما من النَّظر: فإنه ينبغي لمن تولَّى الأذان وهو الإعلام أولاً أن يتولَّى الإعلام ثانياً، حتى لا يحصُل التباس بين النَّاس في هذا الأمر ، وحتى يعلم المؤذِّن أنَّه مسؤول عن الإعلامين جميعاً، لكن لا يقيم إلا بإذن الإمام أو عُذْره ؛ لأن بلالاً رضي الله عنه كان لا يقيم حتى يخرج النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم " .
انتهى من "الشرح الممتع" (2/ 65-66) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" ويستحب أن يتولى الإقامة من تولى الأذان ، ولا يقيم إلا بإذن الإمام ؛ لأن الإقامة منوط وقتها بنظر الإمام ؛ فلا تقام إلا بإشارته " .
انتهى من "الملخص الفقهي" (1/ 100).

والحاصل : 

أن من يتولى الإقامة للصلاة : هو من تولى الأذان ، وعلى هذا العمل في عامة المساجد ، وعليه كان العمل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إلا أن ذلك إنما يكون بإذن الإمام وعلمه ، إما بإذنه الصريح له ، وإما بإذنه الضمني ، إذا كان لهم عادة في مثل ذلك .  
وأما أن يتولى بعض الحاضرين إقامة الصلاة ، فيتعدى على حق المؤذن في مباشرة ذلك ، ويتعدى على حق الإمام أيضا في ملك الإذن بذلك : فلا يحل له ، وهو افتئات على حق صاحب الحق ، ولا عبرة به أيضا ؛ بل للإمام أن ينتظر حتى يقيم الصلاة المؤذن أو من يأذن له ، وله أن يطلب إعادة الإقامة من المؤذن ، أو من غيره . 

ولا يحق لبعض الحاضرين أن يعتمد في ذلك على سكوت الإمام ، أو سكوت المصلين ، وقيامهم للصلاة ، أو عدم إنكارهم على من افتئت عليهم ، وأقام الصلاة بغير إذنهم ؛ لأن ذلك يحصل كثيرا في المساجد ؛ إما لجهل المصلين بالحكم في ذلك ، أو لظنهم : أنه متى أقيمت الصلاة ، لزمهم القيام لها ، ولو كان المقيم متعديا بإقامته ، أو خوفا من حصول فتنة وفرقة وشقاق في المسجد وقت الصلاة ، أو لغير ذلك من الأعذار التي قد تحملهم على السكوت ؛ فهذا كله وإن كان عذرا لهم في ذلك ، إلا أنه ليس عذرا يبيح لآحاد الناس أن يفتئت على الإمام وعلى والمؤذن ، بل على عامة المصلين ، ويتولى هو 
إقامة الصلاة ، من غير إذن صاحب الإذن في ذلك .  
قال الشوكاني رحمه الله : 

" وأما كون غير المؤذن ينوب عنه في الإقامة فالظاهر أنها تجوز النيابة إذا قد حصل الرضا من المؤذن لأن تخصيصه بالإقامة إنما هو لكونه الأولى بذلك فإذا وقع الإذن جاز للغير أن يقيم سواء كان له عذر أو لا " . انتهى من "السيل الجرار" (1/124) .  
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : 

" وأقام أحد غير المؤذن هل تصح الإقامة ؟" . 

فأجاب : " نعم تصح ؛ ما لم يكن هناك فتنة ، أو تشاح ؛ بحيث يأتي واحد يقيم قبل وقت الإقامة ، مراغمة للمؤذن : هذا لا يجوز . 

لكن لو فرض أن المؤذن .. خرج لشغل أو غيره : فلا بأس " . انتهى من التعليق على "الكافي" (1/281- ترقيم الشاملة) .  
مع التنبيه على أن ذلك : لا يخل بصحة الصلاة ، لا صلاة الإمام ، ولا صلاة المأمومين ؛ بل الصلاة صحيحة من غير شك ، مع التنبيه إلى النهي عن تعدي آحاد الناس ، وافتئاته على حق الإمام والمؤذن في ذلك .  
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (146970) ، (160000) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب