الثلاثاء 23 جمادى الآخرة 1446 - 24 ديسمبر 2024
العربية

تريد أن تتزوج شاباً ، والدها قَبِل به ، لكنّ أمها رفضته ، فما العمل ؟

222785

تاريخ النشر : 24-10-2014

المشاهدات : 46280

السؤال


أحاول منذ ما يقرب 4 سنوات الزواج من شاب من موطن رأسي حيث أعيش في الولايات المتحدة بينما هو يعيش في بلدي الأصلي والسبب في عرقلة الزواج أمي التي ترفض زواجي من هذا الشاب لأنها تكره والد الشاب ، مع العلم أنه كرهته بعد أن تقدم هذا الشاب لي ، ولأنها طلبت من شخص أن يصلي صلاة استخارة وأخبرها أن مستقبل هذا الزواج لن يكون جيداً كما أنها تعتقد أنه ستلحقني لعنة تستمر مع كل ذريتي إن تزوجت دون رضاها كما حصل معها ومع أمها مع العلم أنّ أبي موافق على الزواج ويرى أنّ الشاب ملتزم وجيد ولكنه لا يظهر دعمه لي أمام أمي وقد طلب من إمام المسجد التدخل لإقناع أمي حيث تحدث الإمام مع أبي وأمي على انفراد وكانت قناعة الإمام أن أمي تتعامل مع الموقف بشكل انفعالي وأن أبي يرفض إظهار دعمه لي بشكل علني أمام أمي ، لقد استنفذت كافة المحاولات معها دون جدوى وأخوتي يتخذون موقفاً محايداً في هذا الموضوع ، لذلك أنا أفكر في الزواج بالسر من هذا الشاب فما هي نصيحتكم ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
لا يصح لأحد أن يستخير عن أحد ، بل صاحب الحاجة هو الذي يصلي ويدعو الله تعالى .
وهذا الشخص الذي استخار لوالدتك قد وقع في الحرام ؛ لأنه ارتكب بدعة لم يأت بها الشرع وهي الاستخارة عن الغير ، ثم إنه تسبب في الإضرار بك حيث زاد الأم تمسكا برأيها .

ثانياً :
إذا رفضت الأم زواج ابنتها ، وليس هناك سبب مقبول لذلك : فلا حرج على البنت أن تتزوج بدون رضا أمها ، إذا كان ذلك بموافقة وليها ، ولا تأثم بذلك ولا تلحقها لعنة من جراء ذلك ، لا هي ولا ذريتها ؛ بل هذه مجرد دعوى غير صادقة ، وهي أقرب إلى التألي على الله .

وطاعة الوالدين واجبة فيما فيه منفعة لهما ، ولا ضرر على الولد فيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ... وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليه ... ؛ لسقوط الفرائض بالضرر " انتهى من " الاختيارات الفقهية " (ص/170) .

وقال العدوي المالكي رحمه الله :
" لا يجب طاعتهما [ يعني : الوالدين ] فيما كان في تركه ضرر ، مثل : أن يأمراه بترك معيشة أو صناعة " انتهى من " حاشية العدوي " (4/289) .

فإذا كان الفعل لا منفعة فيه للوالدين ، فلا تجب طاعتهما على الولد ، وكذلك إذا كان فيه منفعة لهما ، ولكن فيه ضرر على الولد لا تجب طاعتهما .

وبناء على هذا ، لا يجب عليك أن تطيعي أمك في ترك هذا الزواج ؛ لأن منفعة الزواج لك أنت ، وليست لوالدتك ، ولأن عليك مضرة في الاستجابة لها .

ثالثاً :
أما زواجك سراً ... فماذا تقصدين بالزواج سراً ؟ هل تقصدين سراً عن عائلتك كلها ؟ أم سراً عن والدتك فقط ؟
فعلى الاحتمال الأول : لا يصح أن تتزوجي سرا عن عائلتك لأمرين :
1- الولي – وفي حالتك هو والدك - شرط في صحة النكاح ، فلا بد أن يتولى هو أمر تزويجك ، ولا يصح النكاح بدون ولي .
وقد حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الزواج بدون ولي ( باطل ، باطل ، باطل ) ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (20213) .
2- ليس من مصلحتك الزواج سراً ؛ لأن مثل هذا الزواج يجلب في العادة من المتاعب والمشكلات ما يجعل صاحبته تقع في الشقاء الذي كانت تظن أنها تفر منه .
وللعبرة والعظة طالعي مرارة تجربة الزواج سرا لصاحبة الفتوى رقم : (201951 ) ، والسعيد من وعظ بغيره .

وعلى الاحتمال الثاني : إذا كنت تقصدين بكلمة " سرا " أي سرا عن والدتك فقط لكن مع علم والدك ، ورضاه بذلك ، وهو الذي يتولى أمر تزويجك ، أو يوكل والدك من يعقد لك النكاح نيابة عنه ، فهذا الزواج صحيح ، ولا يؤثر عليه كونه سرا على والدتك .

لكن ... هل الأفضل لك أن تتزوجي بدون رغبة والدتك ، أو الأفضل لك أن توافقيها ؟
عليك أن تقدري ما يترتب على كل فعل من مصالح ومفاسد ، ثم مع الموازنة تستطيعين أن تختاري الأصلح لك ولأسرتك .

ونحن نساعدك في هذه الموازنة فنضع أمامك بعض النقاط :
- إذا أمكنك الاستغناء عن هذا الشاب والانصراف عنه إلى غيره : فتقديم رضا والدتك أفضل ، لا سيما إذا لم تكن سنك متقدمة ، بحسب مقاييس المجتمع الذي تعيشين فيه ، وكانت الفرصة ما زالت متاحة أمامك .
- إذا لم يمكنك فعل ذلك ، أو كان عليك ضرر في عدم الزواج منه : فيكون زواجك منه أفضل ، مع وجوب التلطف بالأم ، والاجتهاد في استرضائها بقدر ما يمكنك .
- إذا استطعت أن تقدمي محافظتك على تماسك أسرتك ، وعدم تفككها ، وإثارة خلافات قد تعصف بها ، وأن تقدمي ذلك على رغبتك الشخصية ، فذلك أفضل .

وبعد كل ذلك استعيني بالله تعالى ، وأكثري من دعائه أن ييسر لك الخير ، وأن يلهمك رشدك ، ولا تفعلي شيئاً إلا بعد استخارة الله عز وجل .
وفقك الله تعالى لكل خير .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب