الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز له أن يورّي بعدم الذهاب للحج للمصلحة في ذلك ؟

223141

تاريخ النشر : 27-09-2014

المشاهدات : 4713

السؤال


سوف أذهب للحج مع زوجتي هذا العام ، ولكنني أخفي الأمر عن أقاربي ؛ لأنّه جرت العادة أن تتم دعوة من سيذهب للحج إلى تناول طعام الغداء والعشاء ، وإعطاءه الهدايا وأنا لا أحب هذه العادة ، ولكن تسرب خبر ذهابي للحج ولكن كلما سألني أحدهم عن ذلك أجبته بأنني عقدت النية ، ولكنني لا أستطيع تأكيد ذهابي للحج من عدمه ، فهل يجوز لي الإجابة بذلك حتى أتجنب دعوات تناول الطعام ؟ وهل يجوز لي رفض الهدايا حيث أن العادة تفرض علي أن أحضر هدية من الحج لكل من أعطاني هدية ، وأنا لا أريد أن أشغل نفسي بشيء غير الحج بالإضافة إلى أنه في حال قبلت الهدايا ولم أحضر الهدايا لهم فسيتكلم أقاربي عني بالسوء ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
إذا كان في التورية والتعريض بالكلام مصلحة راجحة ، أو دعت إليه حاجة فلا بأس به ،‏ فإن لم تدع إليه مصلحة ولا حاجة : فهو منهي عنه . انظر جواب السؤال رقم : (27261) .
ثانيا :
لا بأس بقبول الهدية ، ويكافَأ المهدِي عليها، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها . انظر جواب السؤال رقم : (34640) .
وإذا كان المهدِي إنما يريد مقابل هديته ، فلا حرج على المهدَى إليه إن ردَّ تلك الهدية ، لأنه ليس المقصود بها التبرع والتودد ، وإنما المقصود بها المعاوضة .
ولا يجوز أن يلزم الإنسان بمعاوضة لم يرض بها .
قال الشيخ عليش المالكي رحمه الله :
" سُئِلَ الشيخ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ عَمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُمْ يُهَادُونَ بَعْضَهُمْ وَيَمْتَنِعُ الْمُهْدَى لَهُ مِنْ رَدِّ الْإِنَاءِ فَارِغًا وَيُرْسِلُهُ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَصَلَ فِي نَفْسِ الْمُهْدِي شَيْءٌ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ يُمْتَنَعُ ذَلِكَ ؟ فَأَجَابَ:
قَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي آخِرِ فَصْلِ آدَابِ الْأَكْلِ : وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ هَذِهِ الْعَادَةِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي أُحْدِثَتْ ، وَهُوَ أَنْ يُهْدِيَ أَحَدُ الْأَقَارِبِ أَوْ الْجِيرَانِ طَعَامًا فَلَا يُمْكِنُ الْمُهْدَى إلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْوِعَاءَ فَارِغًا، وَإِنْ رَدَّهُ فَارِغًا وَجَدَ عَلَى فَاعِلٍ ذَلِكَ وَكَانَ سَبَبًا لِتَرْكِ الْمُهَادَاةِ بَيْنَهُمَا، وَلِسَانُ الْعِلْمِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ غَيْرَ يَدٍ بِيَدٍ ، وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا ، وَيَدْخُلُهُ الْجَهَالَةُ.
فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْبِيَاعَاتِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْهَدَايَا وَقَدْ سُومِحَ فِيهَا.
فَالْجَوَابُ: هُوَ مُسَلَّمٌ لَوْ مَشَوْا فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى الْهَدَايَا الشَّرْعِيَّةِ لَكِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ضِدَّ ذَلِكَ لِطَلَبِهِمْ الْعِوَضَ ، فَإِنَّ الدَّافِعَ يَتَشَوَّفُ لَهُ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ يَحْرِصُ عَلَى الْمُكَافَأَةِ ، فَخَرَجَ بِالْمُشَاحَّةِ مِنْ بَابِ الْهَدَايَا إلَى بَابِ الْبِيَاعَاتِ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ".
انتهى من "فتح العلي المالك" (2/ 283) .
وبناء على هذا ؛ فلا حرج عليك إذا استعملت المعاريض حتى ترفع عن نفسك هذا الحرج والمشقة .
وإن استطعت أن تأخذ معك بعض الهدايا الخفيفة لأقاربك وأصدقائك فهو تصرف حسن ، والهدايا من أسباب جلب المحبة بين المسلمين وزيادتها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تَهَادَوْا تَحَابُّوا) . رواه البخاري في "الأدب المفرد" وقال ابن حجر : إسناده حسن ، وحسنه
الألباني في " صحيح الأدب المفرد " (463) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب