الحمد لله.
لا شك أن معرفة الزوجين بحقوق كل منهما على الآخر ، وواجباته نحوه ، وتقبل ذلك ، والالتزام به : هو أصل نجاح الحياة الزوجية ، وتفادي أجواء المشاكل التي قد تعصف بها .
كان على زوجتك ، وعلى أهلها ، أن يكونوا واعين بأن انتقالها إلى الحياة الزوجية ، يجعل قوامتها بيد زوجها ، ويجعل واجبها الأول ، بعد الله تعالى ، نحو زوجها ، ومراعاته ، والقيام على شأنه .
وسوف يتطلب هذا منها ، ومنها : قدرا كبيرا من التفهم ، وترك ما اعتادوا عليه ، أو اعتادت هي عليها عندهم .
ولا شك أن مسألة زيارة الزوجة لأهلها ، وإن كان فيها ما فيها من صلة الرحم ، والبر بهم ، وهو أمر طيب ؛ إلا أن ذلك يجب أن يكون متوافقا مع ظروف الزوج ، ملائما لطبيعته ، وحاله.
وليس من حق الزوجة أن تكثر زيارة أهلها ، بما يضر بحق زوجها ، أو يغضبه ، أو ينغص عليه عيشه .
وإذا حدثت الزيارة ، بالقدر المعقول ، بالتوافق بينهما : فلا مبرر لأن تبيت عندهم ، ولو كان أبوها مريضا ؛ فما دام عنده من يقوم بشأنه ، ويخدمه : فما معنى أن تبيت عند أهلها الليالي ذوات العدد ؟
وما معنى أن تترك الزوجة زوجها في غربته ، ومكان عمله وإقامته ، لتنزل إلى أبيها المريض بمرض مزمن ، لا يعلم أجله فيه إلا الله ؟
وماذا ستفعل هي له في ذلك ؟ فنزولها وعدم نزوله ، لن يقرب من أجله ، ولن يباعده ؟
وإذا مات وهي مع زوجها ، فما المشكل في ذلك ؟ فما زال الناس يغتربون ، ويموت لهم من أقربائهم وذويهم : من يموتون ؛ ثم لا يكون شيء .
بل قد لا يكون لنزولها سبب ، حتى لو مات ، وهي امرأة برفقة زوجها في سفره وغربته .
فإذا تفهم الزوج الوضعية الخاصة بزوجته ، وسمح لها بسفر طارئ ، قصير المدة بما لا يضره ولا يشق عليه ، في ظرف كالوفاة ونحوها : فهذا غاية ما يطلب منه ، أو يرجى منه من إحسان.
والنصيحة أن تسافر الزوجة الآن ، لأن الأجل لا يعلم مداه إلا الله ، وسوف تتجدد المشكلة كل وقت ، وكل يوم يجب عليها أن تعود فيه ، يمكن أن يموت فيه والدها ، فمثل هذا لا نهاية له ، ولا حد له .
وإذا قدر أنها سافرت ، فإن عودتها سوف تكون مشكلة كبيرة ، حتى يموت أبوها ، وينتهي العزاء ، وتهدأ الخواطر !!
وإذا قدر أنها عادت ، فسوف تتجدد المشكلة إذا مات ..
إننا نتوجه بحديثنا إلى الزوجة العاقلة ، التي تفهم ما معنى الحياة الزوجية ، وتعرف أن رضا الله تعالى عنها في رضا زوجها : أن تكون حكيمة في إدارة علاقتها مع زوجها ، وألا تخسره ، وتنغص عيشها ، أو تهدم بيتها بيدها ؛ فليس هذا من فعل أهل العقل ، ولا من فعل أهل الديانة في شيء .
ويكفيها ، أن تتواصل معهم كل يوم في الهاتف ، وتطمئن على والدها .
وإذا قدر الله وفاته ، فليكن بعد ذلك ما ترونه مناسبا ، بالتفاهم بينكما .
يسر الله لك أمرك ، وأصلح زوجك ، وجمع عليك شملك .
والله أعلم .
تعليق