الحمد لله.
العبرة في الحيض بنزول الدم ، وليس بوقته ، فقد يأتي وقته المعتاد ولا ينزل الحيض ، وقد يأتي قبل موعده ، وقد تزيد أيام الحيض أو تنقص ، فمتى رأت المرأة دم الحيض ، وجب عليها الإمساك عن الصلاة ، والصوم ، حتى تطهر ؛ فإذا انقطع عنها الدم ، وطهرت من حيضها : صامت ، وصلت .
وليس هناك نص عن الرسول صلى
الله عليه وسلم يحدد أقل الحيض أو أكثره ، ولا أقل الطهر أو أكثره ، مع حاجة الأمة
إلى ذلك ، فعُلم بهذا أن هذا التحديد لا أصل له في الشريعة ، وإنما هو مجرد
اجتهادات من بعض العلماء ، رحمهم الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَمِنْ ذَلِكَ : اسْمُ الْحَيْضِ ، عَلَّقَ اللَّهُ بِهِ أَحْكَامًا مُتَعَدِّدَةً
فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَلَمْ يُقَدِّرْ لَا أَقَلَّه وَلَا أَكْثَرَهُ ،
وَلَا الطُّهُر بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ، مَعَ عُمُومِ بَلْوَى الْأُمَّةِ بِذَلِكَ
وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ ، وَاللُّغَةُ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ قَدْرٍ وَقَدْرٍ ،
فَمَنْ قَدَّرَ فِي ذَلِكَ حَدًّا ، فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ " .
انتهى من " مجموع فتاوى شيخ الإسلام " (19/237) .
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين
رحمه الله عن : المرأة إذا أتتها العادة الشهرية ، ثم طهرت واغتسلت ، وبعد أن صلت
تسعة أيام أتاها دم ، وجلست ثلاثة أيام لم تصل ، ثم طهرت وصلت أحد عشر يوماً ،
وعادت إليها العادة الشهرية المعتادة . فهل تعيد ما صلته في تلك الأيام الثلاثة ،
أم تعتبرها من الحيض؟
فأجاب بقوله:
"الحيض متى جاء فهو حيض ، سواء طالت المدة بينه وبين الحيضة السابقة أم قصرت ، فإذا
حاضت وطهرت ، وبعد خمسة أيام ، أو ستة ، أو عشرة ، جاءتها العادة مرة ثانية : فإنها
تجلس لا تصلي ، لأنه حيض ، وهكذا أبداً ؛ كلما طهرت ، ثم جاء الحيض : وجب عليها أن
تجلس ، أما إذا استمر عليها الدم دائماً ، أو كان لا ينقطع إلا يسيراً : فإنها تكون
مستحاضة ؛ وحينئذ لا تجلس إلا مدة عادتها فقط " انتهى من " فتاوى الشيخ ابن عثيمين
"(11/278) .
وقال الشيخ عبد الكريم
الخضير :
"لا حدّ لأقل الطهر بين الحيضتين ، بل متى رأت الدم ، أي دم الحيض الأسود المعروف
المنتن: فعليها أن تجلس فلا تصوم ولا تصلي..." .
انتهى من " فتاوى الشيخ عبد الكريم الخضير" (ص 26) بترقيم الشاملة .
وأما المذهب الحنفي فعندهم :
أقل مدة للطهر بين الحيضتين : هي خمسة عشر يوما ، فإن جاء الدم قبل ذلك فلا يكون
حيضا ، ويكون استحاضة .
انظر : " تبيين الحقائق " للزيلعي الحنفي (1/62) .
وبناء على مذهبهم : يلزمك الصلاة في هذين اليومين ، ويلزمك قضاء ما تركتيه من الصلاة .
والصواب ما سبق : أن الدم
إذا جاء المرأة بعد ثلاثة عشر يوما من الحيض السابق أنه يكون حيضا فتترك الصلاة .
وبناء على هذا ؛ فلا يلزمك الصلاة في هذين اليومين ، ولا قضاء ما سبق .
وحتى إذا عملت بالمذهب
الحنفي الآن ، فما سبق منك من الإمساك عن الصلاة ، بتأويل سائغ، ومتابعة لقول معتبر
عند أهل العلم : فليس عليك الآن قضاؤه .
وبكل حال أيضا : فليس عليك تغيير ملابسك ، لوقت كل صلاة ، سواء كنت داخل المنزل ،
أو خارجه ، وإنما يلزمك الغسل ، أول ما تطهرين من حيضك ، وتغيير ما أصابه دم الحيض
من ملابسك فقط .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (114374)
، ورقم : (83172) .
والله أعلم .
تعليق