الحمد لله.
ينبغي الالتزام بقواعد السير في الطرقات ، لأن هذه القواعد والأنظمة قد وضعت من أجل الحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم ، ومخالفة هذه القواعد لا يعود ضرره على السائق وحده ، بل إنه يتعدى ذلك إلى غيره من الناس ، فالحوادث التي تحصل في الطرق نتيجة مخالفة تلك القواعد والأنظمة يكون فيها – غالباً – أطراف متعددة ، وهذا يزيد من مسئولية المخالف ويشغل ذمته بأحكام متعددة كالدية والكفارة وتعويض الضرر وغيرها .
وبناء على هذا ؛ فالذي ينبغي
عليك أن تلتزم بقوانين السير ، وإذا حدث ما ذكرته في السؤال، وخشيت أن يحصل عليك
ضرر ما بسبب قرب هذه الدراجة من سيارتك : فيمكنك أن تبطئ أنت السير حتى يتجاوزك
ويبتعد عنك هو .
فإن ضاق بك الأمر ، ولم يكن أمامك إلا أن تتجاوزه أنت ، فلا حرج عليك من ذلك إن شاء
الله تعالى ، ولكن بشرط أن تتأكد من خلو الطريق ، وأن تجاوزك لن يتسبب في ضرر آخر .
وقد تقرر في الشريعة الغراء
أنه يشرع ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما ، فإذا دار الأمر بين خشية الضرر من
هذه الدراجة ، أو مخالفة قواعد السير ، وكان لابد من ارتكاب إحدى المفسدتين فإنه
ترتكب الأدنى منهما .
وقد أخرج البخاري (1586) ، ومسلم (1333) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ،
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا : ( يَا عَائِشَةُ
؛ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ
فَهُدِمَ ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ ، وَأَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ ،
وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا ، فَبَلَغْتُ
بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ ) .
فإقامة البيت على قواعد إبراهيم عليه السلام مصلحة ، ولكن عارض ذلك مفسدة أشد وهي
نفور الناس من هدم البيت وإنكارهم لذلك ، فترك الرسول صلى الله عليه وسلم تلك
المصلحة دفعا للمفسدة الأشد .
جاء في " شرح الزرقاني على الموطأ "(2 / 448) عند شرحه لهذا الحديث :" وَفِيهِ
تَرْكُ مَا هُوَ صَوَابٌ خَوْفَ وُقُوعِ مَفْسَدَةٍ أَشَدَّ " انتهى .
والله أعلم .
تعليق