الحمد لله.
أولاً :
إذا أسلم الزوجان : أُقِرَّا على نكاحهما السَّابق , ولا يُلزَمان بتجديده ، ولا بفسخه ، إلا إذا كان هناك مانع من استمرار هذا النكاح .
ومثال المانع : أن يتزوج رجل إحدى محارمه ، كعمته ، أو خالته ، أو أخته من الرضاع ، ثم يسلمان ؛ فإن الإسلام يفرق بينهما .
أما إذا لم يكن هناك مانع من
استمرار النكاح ، فإن الشريعة الإسلامية تقر نكاحهما السابق . وقد أسلم الكثير من
المشركين مع زوجاتهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتعرض لنكاحهم السابق ،
ولا سأل عنه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "ولو أسلم الزوجان الكافران : أقرا على
نكاحهما بالإجماع" انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/175) .
وقال ابن قدامة - رحمه الله
- في "المغني" (10/5) :
" أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ : صَحِيحَةٌ ، يُقَرُّونَ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمُوا ،
أَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا ، إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ
نِكَاحِهَا فِي الْحَالِ ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى صِفَةِ عَقْدِهِمْ وَكَيْفِيَّتِهِ
، وَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ شُرُوطُ أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ ، مِنْ الْوَلِيِّ ،
وَالشُّهُودِ ، وَصِيغَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ . بِلَا
خِلَافٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ
إذَا أَسْلَمَا مَعًا ، فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ ، أَنَّ لَهُمَا الْمُقَامَ عَلَى
نِكَاحِهِمَا ، مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ وَلَا رَضَاعٌ . وَقَدْ
أَسْلَمَ خَلْقٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَأَسْلَمَ نِسَاؤُهُمْ ، وَأُقِرُّوا عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ ،
وَلَا كَيْفِيَّتِهِ ، وَهَذَا أَمْرٌ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ وَالضَّرُورَةِ ،
فَكَانَ يَقِينًا .
وَلَكِنْ يُنْظَرُ فِي الْحَالِ : فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى صِفَةٍ
يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا : أُقِرَّ .
وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا ، كَأَحَدِ
الْمُحَرَّمَاتِ بِالنَّسَبِ أَوْ السَّبَبِ ، أَوْ الْمُعْتَدَّةِ ،
وَالْمُرْتَدَّةِ ، وَالْوَثَنِيَّةِ ، وَالْمَجُوسِيَّةِ ، وَالْمُطَلَّقَةِ
ثَلَاثًا : لَمْ يُقَرَّ .
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ، وَأَسْلَمَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا ، أُقِرَّا
؛ لِأَنَّهَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا [يعني: بعد انتهاء العدة] " انتهى .
وبناء على هذا : فعلاقتك مع زوجك : علاقةٌ شرعيّة ، ولا إشكال في ذلك .
ثانيا :
أما زوجته الأولى : فالظاهر من سؤالك أنها نصرانية ، وإذا أسلم الزوج وكانت زوجته
نصرانية ولم يحصل طلاق فالنكاح باقٍ بينهما ، ولا تزال في عصمته ، لأن المسلمَ يجوز
له أن يتزوج امرأة نصرانية ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (45645)
.
فهذه المرأة لها حقوق الزوجة على زوجها من النفقة والقِسْم (المبيت عندها)
والمعاشرة الحسنة ... إلخ .
فإن أسقطت هي شيئا من حقوقها برضاها : فلا بأس بذلك .
وأهم شيء ينبغي على زوجك
القيام به تجاه تلك المرأة : أن يدعوها إلى الإسلام ، ويسعى في نجاتها من نار جهنم
، فذلك أعظم معروف يقدمه إليها ، وينبغي أن تعينيه أنتِ على ذلك .
نعلم أن هذا قد ييثير غيرتك – وهو أمر فطري في المرأة – ولكن الحرص على هداية الناس
فوق كل اعتبار ، وإن وفقها الله تعالى للإسلام بسببكما ، فسوف يكون ذلك في ميزان
حسناتكما ، إن شاء الله .
نسأل الله تعالى أن يهديك وأن يوفقكم لكل خير .
وينظر جواب السؤال رقم : (1037)
، و (45645) ، و (20849)
.
والله أعلم .
تعليق