الحمد لله.
أولاً : الواجب أن تدفن هذه المرأة المسلمة المتوفاة وفق أحكام الشرع .
لكن إذا لم يكن للمسلمين في هذا المكان قدرة على دفنها ، وتهيئة جنازتها ، وفق أحكام الشريعة المحضة ، إلا بنوع فتنة ، وضرر زائد على المسلمين ، لاستضعافهم في هذا المكان : فالواجب عليهم فعل ما يقدرون عليه من الأحكام الشرعية ، كما قال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن / 16 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى : " يأمر تعالى بتقواه ، التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة .
فهذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد ، أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه ، فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 868 ) .
ثانياً :
الحضور للصلاة علي هذه المرأة المسلمة في المسجد قبل دفنها من الأمور الواجبة شرعاً .
وما فعلته عائلتها البوذية مع جثة هذه المرأة قبل الصلاة عليها ، وما سيفعلونه بعد ذلك : أمر ليس في استطاعتكم ، والمسلم مكلف بفعل ما يستطيع فعله كما مضى بيان ذلك .
ولا حرج عليكم من تشييع جنازتها وحضور دفنها ، ولو تخلل ذلك وجود بعض المنكرات من قبل أهلها البوذيين ، لأن شهود الجنازة ودفنها من حقوق المسلم .
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ : رَدُّ السَّلاَمِ ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ ) رواه البخاري ( 1240 ) ومسلم ( 2162 ) .
فلا يترك هذا الحق لوجود منكر لا يُستطاع تغييره .
قال أبو داود : " قُلْتُ لِأَحْمَد أَرَى الرَّجُلَ قَدْ شَقَّ عَلَى الْمَيِّتِ، أُعَزِّيهِ؟ [المراد : شق ثوبه ] .
قَالَ: " لَا يُتْرَكُ حَقٌّ لِبَاطِلٍ ". انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني" (ص: 190).
ومثله ما جاء في "مسائل عبد الله" صـ 144 قال: " سألت أبي عن الجنازة معها نوائح أو صوائح تُتبع؟
قال: قال الحسن: لا ندع حقاً لباطل". انتهى
وأما الدفن بالتابوت فقد سبق بيان حكمه في جواب السؤال (34511) .
والله أعلم
تعليق