الحمد لله.
أولا :
" لِلأْنْثَى ذِمَّةٌ مَالِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَالرَّجُل، وَحَقُّهَا فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا أَمْرٌ مُقَرَّرٌ فِي الشَّرِيعَةِ مَا دَامَتْ رَشِيدَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) النساء/6 .
وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي مَالِهَا كُلِّهِ عَنْ طَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ ، بِدُونِ إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
أَمَّا تَصَرُّفُهَا فِي مَالِهَا عَنْ طَرِيقِ التَّبَرُّعِ بِهِ، فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: يَجُوزُ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي كُل مَالِهَا ، بِالتَّبَرُّعِ ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَرِوَايَةٍ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ .
وَعِنْدَ الإْمَامِ مَالِكٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّبَرُّعُ فِي حُدُودِ الثُّلُثِ، وَلاَ يَجُوزُ لَهَا التَّبَرُّعُ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا " . "الموسوعة الفقهية" (7/ 81)
وينظر جواب السؤال رقم : (21684) .
وبناء على ذلك : فإذا كان هذا المال هو مال الزوجة الخاص ، سواء كان
ذلك من عمل تعمله ، أو تجارة لها ، أو جاءها هبة ، أو غير ذلك ، فإن لها أن تتصرف
فيه ، وتحفظه حيث شاءت ؛ لا سيما إن كان الزوج سفيها مبذرا لمالها ، أو كان ظالما
لها ، يستولي على مالها بغير حق .
وأما إن كان مال زوجها الخاص ، أو كانت تدخره هي من نفقة بيتها ؛ فمن الواضح أن ذلك
لا يحل لها ، لأنها أمينة في مال زوجها ، ولا يحل لها أن تختص نفسها بشيء منه ، ما
دامت قد استوفت نفقتها ونفقة بيتها بالمعروف ، ولا يحل لها أيضا أن تخفي عنه شيئا
منه .
ثانيا :
ينبغي أن تقوم العلاقة الزوجية على الصدق وحسن المعاشرة ، مع الحرص على تفادي ما
يعكر صفو الحياة الزوجية ، فربما كان لأحدهما الحق في أمر ما فيتنازل عنه ويتركه
لئلا يثير به الفتنة ، ويوقع الشقاق بين الزوجين ، وهذا من العقل والسداد وحسن
العشرة .
وليس معنى أن تكون للزوجة ذمة مالية مستقلة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها كيفما
تريد ، دون الرجوع إليه ، وأخذ مشورته ، وخاصة إذا كان محتاجا لمالها ، لفقر ، أو
مرض ، أو حاجة طرأت ، أو نحو ذلك ، مما لا يخلو منه بيت ، ولا يخلو منه عيش ؛ بل
ينبغي أن تواسيه بمالها ، وتتلطف معه في حفظ ما تحتاج حفظه ، وتحرص على إصلاح ما
بينها وبين زوجها ، ما استطاعت .
وينظر جواب السؤال رقم : (12852) ، (71239).
والله تعالى أعلم .
تعليق