الحمد لله.
لم يتمثل العلاج يوما ما بالانتحار ، ولا بإزهاق الروح ، فالموت ليس حلا لأي من المصائب ، بل هو المصيبة نفسها ، وخاصة إذا وقع بفعل الإنسان نفسه ، فيغدو حينئذ كبيرة من كبائر الذنوب ، ويكون سببا في عذاب لا يقارن بعذاب الإنسان في ابتلائه ومصابه ، فعذاب الآخرة أشد كما قال تعالى : ( وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) طه/127.
فأي فَرَجٍ تبحث عنه هذه الفتاة ، حين تنتقل من عناء الدنيا إلى عذاب الآخرة !!
وهي لو تفكرت وتأملت ، واختلت بقلبها وروحها ، وناجت ربها سبحانه وتعالى أن يلهمها رشدها وصوابها ، لعلمت أن الحياة الدنيا آفاقها أرحب مما تظن ، وآمالها أوسع وأسعد مما تتخيل ؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يخلقها محصورة في إطار الجنس " الذكورة أو الأنوثة "، ولم يقصر سعادة الدنيا على الهوية " الجندرية " كما يسمونها ، بل هي صنعة ربانية متقنة ، اتخذها الصالحون والمصلحون طريقا ومزرعة إلى السعادة الأبدية في الآخرة ، يغرسون فيها غرس العمل والنجاح والإحسان والدعوة والإصلاح والتعلم والتفكر والتعبد لله سبحانه ، ليجدوا أنوار هذه الخيرات مؤنسهم في ظلمة القبر ، ومنقذهم على الصراط .
ولو تأملت هذه الفتاة الصالحة فيما حولها من أنواع الابتلاء التي تصيب العالمين ، لشكرت الله سبحانه وتعالى ، وعلمت فضله ونعمه عز وجل عليها ، وأدركت أن " سجن الأنوثة " الذي تتحدث عنه في سؤالها ما هو إلا تهويل النفس والشيطان ، بل هو سجن من الأوهام التي يقيمها الإنسان في عقله وقلبه ، وحقيقة الأمر أيسر من ذلك .
فالذكر والأنثى يشتركان في أشياء كثيرة ، عقليا وبدنيا ونفسيا ، فيكفي أن تركز الفتاة على هذه المشتركات ، ولا تظن أن الناس مطلعون على ما في نفسها ، ويرون ما فيها من الذكورة ، فيترك ذلك فيها الضيق والحرج ، كل هذا من الأوهام ، فالناس لا يبحثون إلا عن المعاملة الحسنة فيما بينهم ، والإحسان إليهم ، والمسلم في علاقته بربه سبحانه لن يُسأل عن ذكورته أو أنوثته ، بل عن عمله الصالح ، وعلاقته بربه ، وعلاقته بمن حوله ، ونفعه الناس ، فهل يضر بعد ذلك الشعور الداخلي الذي ينفخ فيه الشيطان سمومه ! وهل خلاصة الحياة هي الرسوم والمظاهر " الجندرية " كي تكون هي فلك التفكير ومحور الحياة !!
ورغم ذلك كله فلا ينبغي اليأس من العلاج ، ولا الانقطاع عن الاستشارات الطبية المتخصصة التي تسهم في التخفيف بإذن الله ، فالرجاء في الله كبير ، أن يبعث في القلب من الطمأنينة ما يدرأ هذه الهموم ، والعلاج بالدواء عامل مساعد بإذن الله ، ولو بقي قدر من المشكلة لم تتمكن الفتاة من علاجه ، فحله أن تتعايش معه ، وتتقبل قدر الله بالصبر والرضا ، وتحتسب أمرها عند الله ، متذكرة في ذلك كله أن أهل الأرض كلهم ، منذ خلق آدم إلى قيام الساعة ، لم يخل أحد منهم من بلاء وامتحان في أيامه ولياليه ، وأن السعيد من هؤلاء جميعا من حمد الله سبحانه على السراء والضراء ، وغرس في صدره كل أسباب الرضا والقبول ، وانطلق إلى حياته يعبد ويبني وينتج ويبدع ، متجاوزا آلامه بآماله ، ومستدركا مرضه بالنعم التي منحه الله إياها . وبهذا ينال الإنسان الفوز في الدنيا والآخرة بإذن الله .
لمزيد من النصائح ، ينظر في موقعنا الأرقام الآتية : (183177) ، (196020) ، (210197) ، (218008) .
كما سبق بيان حكم عمليات " تحويل الجنس "، في الأرقام الآتية : (34553) ، (138451) ، (164232) .
والله أعلم .
تعليق