الحمد لله.
أولا :
يشرع لكل من سمع الأذان أن يردده خلف المؤذن ، فيقول مثل ما يقول ، إلا في الحيعلتين فإنه يقول: " لا حول ولا قوة إلا بالله " ؛ لما روى البخاري (611) ، ومسلم (383) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ ) .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/591) : " لا أعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب ذلك " انتهى .
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (7747) .
ثانيا :
اختلف أهل العلم في المؤذن : هل يردد خلف نفسه ؟
وأظهر القولين : أنه يكتفي بالأذان ولا يردد خلف نفسه .
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" هل يشرع للمؤذن نفسه أن يجيب نفسه بين كلمات الأذان؟
ذكر أصحابنا أنه يشرع له ذلك .
وروي عن الإمام أحمد أنه كان إذا أذن يفعل ذلك .
واستدلوا بعموم قوله: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول). والمؤذن يسمع نفسه ،
فيكون مأمورا بالاجابة.
وقاسوه على تأمين الإمام على قراءة الفاتحة مع المأمومين " انتهى .
ثم رد ابن رجب هذا القول قائلا :
" وفي هذا نظر؛ فإن تأمين الإمام وردت به نصوص.
وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إذا سمعتم المؤذن) ، ظاهره: يدل على
التفريق بين السامع والمؤذن، فلا يدخل المؤذن ، كما قال أصحابنا في النهي عن الكلام
لمن يسمع الإمام وهو يخطب ، أنه لا يشمل الإمام ، بل له الكلام .
وكذا قالوا في الأيمان ونحوها، لو قال: من دخل داري. أو خاطب غيره ، فقال: من دخل
دارك، وعلق على ذلك طلاقاً أو غيره : لم يدخل هو في عموم اليمين في الصورة الأولى ،
ولا المخاطب في الصورة الثانية " انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (5/ 257-258) .
وقال رحمه الله في "القواعد" (ص 125):
" الْفِعْلُ الْمُتَعَدِّي إلَى مَفْعُولٍ ، أَوْ الْمُتَعَلِّقُ بِظَرْفٍ أَوْ
مَجْرُورٍ ، إذَا كَانَ مَفْعُولُهُ أَوْ مُتَعَلِّقُهُ عَامًّا، فَهَلْ يَدْخُلُ
الْفَاعِلُ الْخَاصُّ فِي عُمُومِهِ ، أَمْ يَكُونُ ذِكْرُ الْفَاعِلِ قَرِينَةً
مُخْرِجَةً لَهُ مِنْ الْعُمُومِ ، أَوْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْقَرَائِنِ ؟
فِيهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ ، وَالْمُرَجَّحُ فِيهِ التَّخْصِيصُ، إلَّا مَعَ
التَّصْرِيحِ بِالدُّخُولِ ، أَوْ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَتَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ صُوَرٌ مُتَعَدِّدَةٌ: مِنْهَا النَّهْيُ عَنْ
الْكَلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ : لَا يَشْمَلُ الْإِمَامَ عَلَى الْمَذْهَبِ
الْمَشْهُورِ.
وَمِنْهَا: الْأَمْرُ بِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ ، هَلْ يَشْمَلُ الْمُؤَذِّنَ
نَفْسَهُ ؟ الْمَنْصُوصُ هَاهُنَا الشُّمُولُ ، وَالْأَرْجَحُ عَدَمُهُ طَرْدًا
لِلْقَاعِدَةِ " انتهى.
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين
رحمه الله : هل يجيب المؤذن نفسه؟
فأجاب :
"ظاهر كلام المؤلف [ابن قدامة] لا ، لأنه قال : يسن لسامعه . وهو أيضاً ظاهر الحديث
: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول) والمؤذن لا حاجة إلى أن يقول مثل ما يقول
، فهو الذي كبَّر وأذن" انتهى من " تعليقات الشيخ ابن عثيمين على الكافي " (1/285)
الشاملة .
وقال ابن قاسم تعليقا على
كلام البهوتي في "الروض المربع" : "وكذا يستحب للمؤذن والمقيم إجابة أنفسهما ،
للجمع بين ثواب الأذان والإجابة" . قال :
"صرح به جماعة . وعنه [يعني : الإمام أحمد] : لا يجيب نفسه ، وقال ابن رجب: الأرجح
أن المؤذن لا يجيب نفسه ، وهو ظاهر كلام جماعة. اهـ .
فالمقيم أولى ، للأمر بالإسراع فيها" انتهى من " حاشية الروض المربع " (1/456) .
وسئل الشيخ محمد المختار
الشنقيطي حفظه الله :
هل يردد المؤذن ألفاظ أذانه في نفسه تحصيلاً للفضل ؟
فأجاب :
" هذه المسألة اختلف فيها العلماء-رحمهم الله- فبعض العلماء يقول : يشرع للمؤذن أن
يردد وراء أذانه، فإذا قال : الله أكبر وسكت يقول : الله أكبر، وهكذا إذا قال بقية
ألفاظ الأذان، لأنه يسمع أذان نفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا سمعتم
النداء ) ، وقد حكى هذا القول غير واحد من العلماء .
وقال بعض العلماء : لا يشرع للمؤذن، وهو أصح وأقوى، أن المؤذن له فضل خاص ، وإذا
فرغ من الأذان قال الدعاء المأثور " انتهى .
https://www.youtube.com/watch?v=5cU8GDj3k3A
والله تعالى أعلم .
تعليق