الحمد لله.
أولاً :
التعامل بالربا محرم ، وهو من كبائر الذنوب ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278-279
ثانياً :
إذا ثبت تحريم التعامل بالربا ، فإنه يحرم المعاونة عليه بأي نوع من أنواع المعاونة ، وذلك لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2
وعلى هذا فلا يحل لكم تأجير محل ليكون مقراً لبنك يتعامل الربا ، لأن في ذلك إعانة للبنك على هذه الكبيرة ، ألا وهي الربا ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه . وقال : هم سواء . رواه مسلم (1598)
قال النووي : فيه : تحريم الإعانة على الباطل اهـ .
وقال السندي : وإنما لعن الكل لمشاركتهم في الإثم اهـ.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
أملك مبنى ، وتقدم أحد البنوك لاستئجاره ، وحيث إن هذا البنك من البنوك التي تتعامل بالربا : فهل يجوز لي تأجير هذا البنك وأمثاله ممن يتعامل بالربا أم لا ؟
فأجابوا :
لا يجوز ذلك ؛ لكون البنك المذكور يستخدمها مقرّاً للتعامل بالربا المحرَّم ، وتأجيرها عليه لهذا الغرض تعاونٌ معه في عمل محرَّم ، قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .
" فتاوى إسلاميَّة " ( 2 / 423 ، 424 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز :
والآيات والأحاديث الدالة على تحريم التعاون على المعاصي كثيرة ، وهكذا تأجير العقارات لأصحاب البنوك الربوية لا يجوز للأدلة المذكورة .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 395 ) .
والأجرة التي تأخذونها من البنك مال حرام ، عليكم التخلص منه بالصدقة في أوجه الخير المتنوعة . وعليكم المبادرة إلى ذلك ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) رواه الطبراني ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519)
وأما ما أخذتموه من الأجرة قبل علمكم بتحريمها فهو حلال لكم ، لقول الله تعالى لما نزل تحريم الربا : ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ) البقرة/275
راجع السؤال رقم (2492) ، (8196)
والله تعالى أعلم .
تعليق