الحمد لله.
نحمد الله أن وفقك لطريق أهل السنة ونجاك من الوقوع في شراك البدعة ، ونسأل الله أن يتم عليك النعمة ويكشف عنك الضر ويرفع عنك البلاء .
فالسنة – كما قال الإمام مالك رحمه الله - كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَهَذَا حَقٌّ ؛ فَإِنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ إنَّمَا رَكِبَهَا مَنْ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ وَاتَّبَعَهُمْ ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَرْكَبْهَا فَقَدْ كَذَّبَ الْمُرْسَلِينَ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (4 /137) .
وننصحك بالتلطف مع أهلك
ومعاملتهم بالحسنى كما أمر الله ، والحرص على نصحهم وإرشادهم بالحكمة والموعظة
الحسنة ، والدعاء لهم بالهداية إلى طريق أهل السنة والجماعة ، والنجاة من طريق أهل
البدعة ، وراجع إجابة السؤال رقم : (142071)
.
وأما عن إخفاء عقيدتك ومذهبك ، فإن كنت لا تخاف على نفسك من أهلك أن يلحقوا بك
الضرر أو الأذى البالغ فإنك تعلن بعقيدتك ولا تخفيها ، وإن خفت على نفسك منهم فإنه
يجوز لك أن تخفي عقيدتك عنهم ، قال الله تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ
فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) غافر/28، فهذا الرجل مؤمن بنص القرآن مع أنه كان
يخفي إيمانه عن فرعون وملئه خوفاً على نفسه منهم ، وقد دل القرآن الكريم على أن مكة
كان بها من يخفي إيمانه وقت الفتح وفيهم نزل قوله تعالى : (وَلَوْلَا رِجَالٌ
مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ
فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي
رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)الفتح/ 25 ، قال ابن كثير " وَلَوْلا رِجالٌ
مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ أَيْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مِمَّنْ يَكْتُمُ
إِيمَانَهُ وَيُخْفِيهِ مِنْهُمْ خِيفَةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ ،
لَكُنَّا سَلَّطْنَاكُمْ عَلَيْهِمْ فَقَتَلْتُمُوهُمْ وَأَبَدْتُمْ خَضْرَاءَهُمْ
وَلَكِنْ بَيْنَ أَفْنَائِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَقْوَامٌ لَا
تَعْرِفُونَهُمْ حَالَةَ الْقَتْلِ" انتهى من " تفسير ابن كثير " (7 / 319).
وفي قصة إسلام أبي ذر قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر ، اكتم هذا
الأمر [أمر إسلامه]). رواه البخاري.
ولكن ننبهك على أن إخفاء الإيمان لا يعني ارتكاب الباطل في الظاهر, قال شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله تعالى " وَكِتْمَانُ الدِّينِ شَيْءٌ ، وَإِظْهَارُ الدِّينِ
الْبَاطِلِ شَيْءٌ آخَرُ، فَهَذَا لَمْ يُبِحْهُ اللَّهُ قَطُّ إِلَّا لِمَنْ
أُكْرِهَ ، بِحَيْثُ أُبِيحَ لَهُ النُّطْقُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ. وَاللَّهُ
تَعَالَى قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُنَافِقِ وَالْمُكْرَه" انتهى من " منهاج السنة
النبوية " (6 / 424).
أما عن الصلاة خلف المبتدعة فقد سبق بيان حكمها في الفتوى رقم : (201740).
والنصيحة لك إن لم تتمكن من الصلاة مع أهل السنة والجماعة أن تصلي بمفردك فذلك خير
من الصلاة خلف هؤلاء.
والله أعلم.
تعليق