الحمد لله.
الذي جرى عليه عمل الناس في عقود الزواج : أنه يتم الاتفاق على ما يلزم كل واحد من الطرفين من الناحية المادية ، كالشبكة ، والمهر (المقدم والمؤخر) والشقة ، وأثاث البيت ، والأجهزة الكهربائية .... ونحو ذلك .
ويتم بناء على ذلك الاتفاق على موعد العقد (كتب الكتاب) ، وموعد البناء (الدخلة) .
والواجب على كل طرف من الطرفين أن يلتزم بما تعهد به وتم الاتفاق عليه ، ولا يجوز له الإخلال بذلك إلا برضى الطرف الآخر ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) رواه البخاري (2572) ، ومسلم (1418) .
فإذا فعل الزوج ما تم الاتفاق عليه من جهته ، فلا يجوز للطرف الآخر (الزوجة أو وليها) أن يخل بالاتفاق بينهما، فيتهرب من التزاماته ، ومن جملتها : موعد الدخلة، إلا برضى الزوج .
فإن لم يرض الزوج بهذا التغيير والتأجيل للموعد ، كان له الحق في إقامة الزفاف في موعده المتفق عليه ، ولا يجوز لوليها أن يمنعه من ذلك ، وقد نص العلماء على هذا : (أن الزوج إذا وفَّى بما عليه من التزامات ، وجب على الزوجة أن تطاوعه في الدخول ، ولا يجوز لها أن تمتنع من ذلك) .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"فَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى تَتَسَلَّمَ صَدَاقَهَا ، وَكَانَ حَالًّا ، فَلَهَا ذَلِكَ .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ دُخُولِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا ، حَتَّى يُعْطِيَهَا مَهْرَهَا .
وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ : لَا أُسَلِّمُ إلَيْهَا الصَّدَاقَ حَتَّى أَتَسَلَّمَهَا .
أُجْبِرَ الزَّوْجُ عَلَى تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ أَوَّلًا ، ثُمَّ تُجْبَرُ هِيَ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا" .
انتهى من " المغني " (10/171) .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " وللمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال . الصداق على قسمين: إما حال، وإما مؤجل، فالمؤجل ليس للمرأة طلبه ولا المطالبة به حتى يحل أجله، وليس لها أن تمنع نفسها من الزوج؛ لأن حقها لم يحل بعد، لكن إذا كان المهر حالًّا غير مؤجل، فإن لها أن تمنع نفسها حتى تقبضه" انتهى من " الشرح الممتع " (12/314) .
وبناء على هذا ؛ فإن كنت قد وفيت بجميع التزاماتك : فليس لوالد زوجتك الحق في تأجيل موعد الزفاف ، وإن كنت لم تَفِ بشيء من التزاماتك فله الحق في ذلك .
والذي ننصحك به ما دام الأمر قد وصل إلى أن حلف والد زوجتك بالطلاق ، أن تنتظر حتى تنتهى هذه السنة ثم تكون الدخلة العام القادم ، أو تحاول التوصل إلى تفاهم ، وتوسيط من يحل المشكلة معه ، ويسأل هو عن حل ما عقده بيمينه .
وإصرارك على أن تكون الدخلة في موعدها سوف يعقد المشكلة أكثر ، وقد تتطور إلى إنهاء زواجك ، وهو ما لا نرجوه .
على أننا ننبهك على أمر مهم ، وهو أنه لا يلزمكم الانتظار عاما كاملا بعد يمينه هذه ، بل إذا اتفقتم على تأجيل الزواج إلى بداية العام الهجري القادم ، يعني في أول شهر الله المحرم ، فسوف يكون يمينه ماضيا على هذا ، لأن الزفاف تم تأجيله إلى العام القادم ، وهذا هو أول العام القادم ، وتكون المدة قريبة ، ليست عاما كاملا كما تتصور .
وهذا أقل الحلول ضررا ، فيما يظهر لنا .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ويجمع بينك وبين زوجته على خير .
والله أعلم .
تعليق