الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم سماد الدم المجفف أو الأحماض المستخرجة منه

231253

تاريخ النشر : 15-04-2016

المشاهدات : 19603

السؤال


أود أن أعرف إذا كان جائز لي أن أستعمل في زراعة الطماطم سمادا مستخرجا من الدم المجفف عبر التحليل المائي (hydrolysis)؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
يمكن الحديث في سؤالك عن نوعين من السماد ، وليس عن نوع واحد فقط :
السماد الأول :
الدم المجفف ، المصطلح عليه بالانجليزية بـ (blood meal)، وهو بودرة جامدة مجففة من دم الحيوانات ، كالأبقار ، وقد تكون الخنازير أيضا ، تضاف إليها بعض المواد ، لتستعمل كسماد عضوي غني بالنيتروجين ، يستعمله الناس في حدائقهم المنزلية ، بإضافته إلى التربة الضعيفة ، التي أُنهكت بتكرار الزراعة فيها ، فيساعد هذا السماد النباتات على النمو بسرعة وقوة ، ويغذيها بالأحماض اللازمة لها .
وهذه المراجع العلمية الأجنبية التي تبين تركيب هذا النوع من السماد :
https://en.wikipedia.org/wiki/Blood_meal
http://www.feedipedia.org/node/221
http://bit.ly/3qI2nsd

http://bit.ly/35USP4W

السماد الثاني :
هو الذي وضع السائل رابطه بالانجليزية ، واسمه :
(CHASE ORGANIC TOMATO FEED )
وهو سماد خاص بإحدى الشركات ، مصنع لتسريع نمو الطماطم ، مكون من مركبات عضوية مسموح بها : أعشاب بحرية ، سكر ، أحماض أمينية مستخرجة من الدم المجفف عبر التحليل المائي .
فهذا السماد ليس هو الدم المجفف نفسه ، بل فيه أحماض أمينية مستخرجة من الدم المجفف ، وذلك عبر عمليات كيميائية معينة تسمى " التحليل المائي ". 
وهذا رابط رسالة ماجستير حول هذا النوع من الأحماض الأمينية :
https://bit.ly/3o1lsDC

ثانيا :
اختلف الفقهاء في حكم سقاية الزرع بالماء النجس ، أو استعمال النجاسة ( الزبل أو أي نجاسة أخرى ) في تسميد الأرض ، واستصلاحها للزراعة ، وذلك على قولين :
القول الأول :
لا حرج في تسميد النبات بالنجاسة أو الماء المتنجس ، والثمرة طيبة مباحة طاهرة ، وهو ما ذهب إليه جماهير الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية .
جاء في " حاشية ابن عابدين " (6/340):
" في أبي السعود : الزروع المسقية بالنجاسات : لا تحرم ، ولا تكره ، عند أكثر الفقهاء ".
ويقول الخرشي المالكي رحمه الله :
" ومما هو طاهر : الزرع إذا سقي بالماء النجس ...
ويحتمل أن يريد زرع ملابس للنجاسة ...
وتقدم أن ابن القاسم أجاز أن ... يسقى الماء النجس الزرع ، وهو يدل على طهارة ذلك ، إذ لو تنجس به ، لما أباح شيئا منه . انتهى ، ومنه يؤخذ حكم الإقدام على سقي الزرع بالشيء النجس " انتهى من " شرح مختصر خليل للخرشي " (1/88) .
ويقول الإمام النووي رحمه الله :
" يجوز تسميد الأرض بالزبل النجس . قال إمام الحرمين : ولم يمنع منه أحد .
وفي كلام الصيدلاني ما يقتضي خلافا فيه .
والصواب القطع بجوازه ، مع الكراهة " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (4/ 448) .
القول الثاني :
تحريم الزرع المسقي بالماء النجس أو السماد النجس ، والحكم بنجاسة الثمر أيضا ، وهذا مذهب الحنابلة .
يقول البهوتي رحمه الله :
" ما سقي بنجس ، أو سُمِّد بنجس ـ مما يصلح به الزرع من تراب أو سرجين ـ من زرع وثمر : يحرم ، وينجس بذلك :
لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كنا نكري أراضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونشترط عليهم أن لا يُدَمِّلوها بعذرة الناس )، ولولا أن ما فيها يحرم بذلك لم يكن في اشتراط ذلك فائدة .
ولأنه تتربى بالنجاسة أجزاؤه ، والاستحالة لا تُطَهِّر عندنا .
فإن سقي الثمر أو الزرع - بعد أن سقي النجس أو سمد به - بطاهر ، تُستهلك عين النجاسة به طهُر وحلَّ " انتهى من " كشاف القناع " (6/194) .
ويقول المرادوي رحمه الله :
" ( وما سقي بالماء النجس من الزرع والثمر : محرّم ) وينجس بذلك ، وهو المذهب ، نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب .
وقال ابن عقيل : ليس بنجس ولا محرم . بل يطهر بالاستحالة. وجزم به في التبصرة " .
انتهى من " الإنصاف " (10/368) .
وقد سبق في موقعنا اختيار قول جمهور العلماء ، بجواز تسميد الزرع بالسرجين ( الزبل )، ونحوه من المواد النافعة للأرض والزرع ، سواء كانت نجسة أو متنجسة أو طاهرة .
ينظر في ذلك الأرقام الآتية : (222524) ، (131185) .
ثالثا :
وبه يعلم أنه لا حرج في استعمال الدم المجفف أو الأسمدة المشتملة على أحماض مستخرجة من الدم المجفف ، لأن أشد ما يكون في هذه الأسمدة أن يحكم بنجاستها ، وتسميد الأرض بالأسمدة النجسة جائز عند جمهور العلماء .
وينبغي الالتزام بالتعليمات الصحية والأنظمة التي تنظم هذا الأمر حتى لا يكون في هذا ضرر على الناس .
ومن باب أولى يحكم بجواز استعمال هذه الأسمدة إذا تبين أنها تتعرض لعمليات تحويل وصناعة تغير تركيبتها ، وتؤثر في حقيقتها ، فتتحول من النجاسة إلى الطهارة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب