الحمد لله.
مما يؤسف له ما ظهر مؤخرا في عدد من المقاطع في الإعلام الجديد من إنتاجات لشباب يتشبهون بالنساء شكلاً ولباساً وصوتاً ، وهذه ظاهرة خطيرة لما ورد فيها من الوعيد الشديد شرعاً ، ولآثارها السيئة نفسياً واجتماعياً ، وانتكاسة عن الفطرة السليمة .
وقد روى البخاري (5885) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ).
قال الإمام النووي رحمه الله : "مِنْ يَتَكَلَّفُ أَخْلَاقَ النِّسَاءِ وَحَرَكَاتِهِنَّ وَسَكَنَاتِهِنَّ وَكَلَامِهِنَّ وَزِيِّهِنَّ، فَهَذَا هُوَ الْمَذْمُومُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَعْنُهُ " انتهى نقلا من "مرقاة المفاتيح" (7/2819).
وفي البخاري (5886) : ( لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ).
قال الإمام القاري : " (الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ) : فِي الزِّيِّ وَاللِّبَاسِ وَالْخِضَابِ وَالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ وَالتَّكَلُّمِ وَسَائِرِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ مِنْ خَنِثَ يَخْنَثُ، إِذَا لَانَ وَتَكَسَّرَ، فَهَذَا الْفِعْلُ مَنْهِيٌّ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ . انتهى
وروى أبو داود (4098) وأحمد (8309) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ ) .
وقال بدر الدين العيني رحمه الله :
" تشبّه الرِّجَال بِالنسَاء فِي اللبَاس والزينة الَّتِي تخْتَص بِالنسَاء مثل لبس المقانع والقلائد والمخانق والأسورة والخلاخل والقرط وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَيْسَ للرِّجَال لبسه، .. وَكَذَلِكَ لَا يحل للرِّجَال التَّشَبُّه بِهن فِي الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ مَخْصُوصَة بِهن كالانخناث فِي الْأَجْسَام والتأنيث فِي الْكَلَام وَالْمَشْي " ، انتهى من "عمدة القاري" (22/ 41)
وسئل علماء اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز :
هناك رجال يمثلون نساء ويجري بثه في التلفزيون ، فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
فأجابت اللجنة : " لا يجوز ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. وقد أُنكر ذلك على الإعلام .." انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/ 264) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" يحرم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال؛ وذلك أن الله سبحانه وتعالى خلق الذكور والإناث وجعل لكل منهما مزية، الرجال يختلفون عن النساء في الخلقة والخلق والقوة والدين وغير ذلك، والنساء كذلك يختلفن عن الرجال، فمن حاول أن يجعل الرجال مثل النساء أو أن يجعل النساء مثل الرجال: فقد حاد الله في قدره وشرعه؛ لأن الله سبحانه وتعالى له حكمة فيما خلق وشرع، ولهذا جاءت النصوص بالوعيد الشديد باللعن، وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، لتشبه الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل، فمن تشبه بالنساء فهو ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تشبهت بالرجال فهي ملعونة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم " ، انتهى من "شرح رياض الصالحين" (6/ 371) .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" صرّح العلماء بأنه يحرم تشبه رجل بأنثى في لباس وغيره، وبالعكس. وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال . رواه البخاري. واللعن يدل على أنه من الكبائر " ، انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (4/ 74)
وفي الإنتاج الإعلامي الهادف ما يغني عن هذا وينفع ، نسأل الله أن يصلح أحوال الشباب ، وأن يوفقهم لما فيه عزّ أمة الإسلام وخدمة الدين والمسلمين والله أعلم.
تعليق