الحمد لله.
لفظة " تفضل " لها معنيان :
المعنى الأول :
معنى عرفي : حيث جرت عادة الناس على استعمالها بقصد الأدب وإظهار الاحترام .
مثل قولنا : تفضل علينا المحاضر أو الشيخ ببيان كذا وكذا ...
المعنى الثاني :
معنى لغوي : ومعناه فعل الإنسان لشيء على سبيل الإحسان مع عدم وجوبه عليه .
جاء في " لسان العرب " (11 / 525) :
" وأَفْضَلَ الرجل على فلان وتَفَضَّلَ بمعنى إذا أناله من فضله وأحسن إليه ، والإفضال: الإحسان " انتهى .
ويقولون في معنى التّبرع : " وتَبَرَّعَ بالعَطاءِ : تَفَضَّلَ بما لا يجب عليه " .
انتهى من " القاموس المحيط " ( ص 703 ) .
ولا يظهر أن من يستعمل هذا
التعبير ، يدور في ذهنه المعنى الثاني أصلا ، وإنما مراده بذلك : المعنى الأول ،
كما قال السائل : إنهم يفعلون ذلك من باب الاحترام الزائد .
وهذا المقصد ، وإن كان مقصدا حسنا في نفسه ؛ إلا أنه مخالف لطريقة الصحابة
والتابعين والأئمة ، وهم أكثر الناس محبةً للرسول صلى الله عليه وسلم ، وتعظيما له
، وتأدبا معه ، ومع ذلك كانوا يقولون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يظن
أحد أنه أعظم تأدبا مع الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة وأئمة الدين .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله ـ في تفسيره لقوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ)
الأحقاف/11 ـ
"وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة؛
لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا
إليها" .
انتهى من " تفسير ابن كثير" (7/278).
فالخير كل الخير في اتباع
السلف ، فهم أكمل الناس دينا وأحسنهم أدبا .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للسير على منهاجهم .
والله أعلم .
تعليق