الحمد لله.
روى الترمذي (3122) ، والنسائي (870) ، وابن ماجة (1046) ، وأحمد (2783) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : " كَانَتْ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسْنَاءَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَكَانَ بَعْضُ القَوْمِ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ المُؤَخَّرِ، فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبْطَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَأْخِرِينَ)الحجر/24 " .
هذا الحديث صححه بعض أهل العلم .
لكن أعله غير واحد من أهل العلم ، فأعله الترمذي بالإرسال ، وقال أبو نعيم الحافظ
في " حلية الأولياء " (3/ 81):
" غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، تَفَرَّدَ
بِرَفْعِهِ نُوحُ بْنُ قَيْسٍ " .
وقال القرطبي :
" رُوِيَ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ وَلَمْ يُذْكَرْ ابْنُ عَبَّاسٍ . وهو أصح " .
انتهى من " تفسير القرطبي " (10/ 19) .
وقال ابن كثير :
" هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ ، وَهُوَ
النُّكْرِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْجَوْزَاءِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ : (
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ ) : فِي الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ
، ( وَالْمُسْتَأْخِرِينَ ) ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي
الْجَوْزَاءِ فَقَطْ، لَيْسَ فِيهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ ذِكْرٌ . وَقَدْ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: هَذَا أَشْبَهُ مِنْ رِوَايَةِ نُوحِ بْنِ قَيْسٍ . وَاللَّهُ
أَعْلَمُ .
" انتهى من " تفسير ابن كثير " (4/ 532) .
وقال في " تحفة الأحوذي " (8/ 437):
" الْأَشْبَهَ أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي الْجَوْزَاءِ ".
وقال محققو المسند : " إسناده ضعيف ومتنه منكر " .
فالراجح أنه حديث ضعيف لا يصح .
وعلى فرض صحته ؛ فربما كان هؤلاء من المنافقين ، أو كانوا حديثي عهد بإسلام ،
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " (5/ 612) بعد أن صححه :
" ما المانع أن يكون أولئك الناس المستأخرون من المنافقين الذين يظهرون الإيمان
ويبطنون الكفر؟ بل وما المانع أن يكونوا من الذين دخلوا في الإسلام حديثا، ولما
يتهذبوا بتهذيب الإسلام، ولا تأدبوا بأدبه ؟ " انتهى .
ولا يصح الاحتجاج به على أن وجه المرأة ليس بعورة ، لاحتمال كون ذلك كان قبل نزول
الحجاب ، ولأن المرأة تصلي كاشفة وجهها ، فالوجه ليس من عورة الصلاة . فهن يكشفن
وجوههن في الصلاة ، ويسترنها أمام الرجال الأجانب ، وكن يصلين خلف الرجال ، فيكشفن
وجوههن .
والله تعالى أعلم .
تعليق