الحمد لله.
أولاً :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك للتوبة ، ونسأله سبحانه أن يتم نعمته عليك بالمغفرة ومزيد من الهداية والثبات على الحق .
واعلمي أن التائب تغفر له ذنوبه السابقة كلها ، مهما كانت كثيرة وعظيمة ، كما قال الله تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر/53 .
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) حسنه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجة " ( 3427 ) .
فاستعيني بالله ، يا أمة الله ، واثبتي ، واصبري على طريق التوبة والهداية .
ثانيا :
أما الاستمرار في العمل ، فلا يخفى عليك أن عمل المرأة في أماكن مختلطة يصعب معه التزامها بأحكام دينها ، لا سيما في مجال السياحة والفنادق ، وما يكثر فيه من الفتن ، والمغريات والبلايا والمصيبات ، وقد جربت ذلك بنفسك .
وعند تعارض الدين مع الدنيا ، فلا شك أن المؤمن يختار الدين ، ولا يرضى أن يتنازل عن دينه من أجل الدنيا ، وقد ذكر الله تعالى من باع دينه واشترى دنياه في عدة مواضع من كتابه : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ) البقرة/86 .
(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) البقرة/18 .
فالنصيحة لك : أن تتركي هذا العمل ، ويكون اهتمامك كله منصبًّا على إكمال إيمانك وطاعة زوجك وتربية أولادك ، فإن ذلك هو الخير لك ، وهو الموافق لأمر الله تعالى للنساء المؤمنات : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/33 .
ثالثا :
أما صلة الرحم ، فقد تكون قطيعة أهلك لك بسبب الأفعال غير المرضية التي كنت تفعلينها في السابق ، ولا يعلمون أنك قد تبت إلى الله منها ، فاستمري في التواصل معهم ، وأخبريهم بتغيرك وتوبتك ، وندمك على ما سبق منك ، فسيكون لذلك الأثر في تغير معاملتهم وتواصلهم معك ، وهذا ما نرجوه .
رابعا :
لا يجوز نسبة الولد إلى غير أبيه ، فذلك من كبائر الذنوب ، وقد سماه الرسول صلى الله عليه وسلم كفرا .
روى البخاري (3508) ، ومسلم (61) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ ، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"فِي الْحَدِيث : تَحْرِيم الِانْتِفَاء مِنْ النَّسَب الْمَعْرُوف وَالِادِّعَاء إِلَى غَيْره ...وَفِيهِ جَوَاز إِطْلَاق الْكُفْر عَلَى الْمَعَاصِي لِقَصْدِ الزَّجْر" انتهى .
وروى ابن ماجه (2609) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) صححه الألباني في " صحيح ابن ماجه ".
وإذا كان النظام يلزمك بأن يسجل هذا الطفل باسم رجل يكون أباه في الأوراق الرسمية ، فالواجب أن ينسب إلى اسم عام ، لا يخص شخصا محددا ، بل اسم شائع لا يعرف له صاحب .
فإن لم يكن ذلك ممكنا ، وكان النظام في بلدك ـ أيضا ـ يوجب أن ينسب إلى شخص محدد ، فأولى من ينسب إليه ذلك هو الزاني ، الذي خلق هذا الطفل من مائه . [ أبوه ] .
فإذا قبل أن ينسب هذا الولد إليه ، أو طلب هو ذلك ، وهو ما يعرف عند العلماء بـ"الاستلحاق" : نسب إليه .
وإن لم يقبل ، وأمكن إثبات تخلق الولد من مائه ، عن طريق البصمة الوراثية ، أو نحوها ، وأمكن إلزامه به قانونا : نُسب إليه ، ولو بغير اختياره ، للضرورة ، لأنه إذا كان لا بد من نسبته إلى شخص معين ، فأولى من ينسب إليه هو "أبوه الطبيعي" ، الذي خلق من مائه .
فإن لم يقبل ، ولم يمكن إلزامه بذلك ، فقد ذكرنا في السؤال رقم : (250566) فتوى الشيخ عبد الرحمن البراك بجواز نسبة الطفل المتبنى ، إلى من تبناه ، بشرط أن يتم إعلان ذلك في الأسرة ، ويخبر الطفل بحقيقة الحال إذا صار مميزا ، وذلك حتى لا يعامل معاملة المحارم والأقارب وهو ليس كذلك .
وبناء على هذا القول : يصح نسبة ابنك إلى من سيتزوجك ، إذا قَبِل هو ، ولم يمكن أن ينسب إلى أبيه "الطبيعي" الذي خلق بمائه ، ولم يمكن غير ذلك .
والله أعلم .
تعليق