السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

هل قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم يوما : " اتَّقِ اللَّهَ، وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا" ؟!

247445

تاريخ النشر : 01-10-2016

المشاهدات : 204348

السؤال


حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : " أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلامٌ ، فَقَالَ لَهَا : ( مَنْ تَرْضَيْنَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ ؟ أَتَرْضَيْنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ؟ ) ، " قَالَتْ : لا أَرْضَاهُ ؛ عُمَرُ غَلِيظٌ ، فَقَالَ : ( أَتَرْضَيْنَ بِأَبِيكِ بَيْنِي وَبَيْنِكِ ؟ ) ، قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ : فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ ، فَقَالَ : ( وَإِنَّ هَذِهِ مِنْ أَمْرِهَا كَذَا ، وَمِنْ أَمْرِهَا كَذَا ) ، قَالَتْ : قُلْتُ : اتَّقِ اللَّهَ ، وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا ، قَالَتْ : فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ ، فَرَثَمَ بِهِ أَنْفَهَا ، وَقَالَ : أَنْتِ لا أُمَّ لَكِ ، يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ تَقُولِينَ الْحَقَّ وَأَبُوكِ ، وَلَا يَقُولُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَتْ : فَابْتَدَرَتْ مِنْخَرَاهَا كَأَنَّهَا غَزْلا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( الْبَيْتَ ) ، وَجَعَلَ يَضْرِبُهَا بِهَا ، فَقَامَتْ هَارِبَةً مِنْهُ ، فَلَزِقَتْ بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : حَتَّى قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ ، لَمَّا خَرَجْتَ ، فَإِنَّا لَمْ نَدْعُكَ لِهَذَا ) ، فَلَمَّا خَرَجَ قَامَتْ فَتَنَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهَا : ( ادْنُ مِنِّي ) ، فَأَبَتْ أَنْ تَفْعَلَ ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهَا : ( لَقَدْ كُنْتِ قَبْلَ هَذَا شَدِيدَةَ اللُّزُوقِ بِظَهْرِي ) " ، فهل قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم يوما : " اتَّقِ اللَّهَ، وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا" ؟!

الجواب

الحمد لله.


هذا الحديث رواه أبو عمر بن حيويه رحمه الله في "الثالث من مشيخته" (15) فقال :
أَخْبَرَنَا أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ نَصْرٍ الْفَرَائِضِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخُشُوعِيُّ، سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلامٌ، فَقَالَ لَهَا: (مَنْ تَرْضَيْنَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ؟ أَتَرْضَيْنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ؟) قَالَتْ: لا أَرْضَاهُ؛ عُمَرُ غَلِيظٌ، فَقَالَ: (أَتَرْضَيْنَ بِأَبِيكِ بَيْنِي وَبَيْنِكِ؟) قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ، فَقَالَ: (وَإِنَّ هَذِهِ مِنْ أَمْرِهَا كَذَا، وَمِنْ أَمْرِهَا كَذَا) .
قَالَتْ: قُلْتُ: اتَّقِ اللَّهَ ، وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا.
قَالَتْ: فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَرَثَمَ بِهِ أَنْفَهَا، وَقَالَ: أَنْتِ لا أُمَّ لَكِ، يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ تَقُولِينَ الْحَقَّ وَأَبُوكِ، وَلَا يَقُولُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَتْ: فَابْتَدَرَتْ مِنْخَرَاهَا كَأَنَّهَا غَزْلا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (الْبَيْتَ) .
وَجَعَلَ يَضْرِبُهَا بِهَا، فَقَامَتْ هَارِبَةً مِنْهُ ، فَلَزِقَتْ بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: حَتَّى قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ، لَمَّا خَرَجْتَ، فَإِنَّا لَمْ نَدْعُكَ لِهَذَا) .
فَلَمَّا خَرَجَ قَامَتْ فَتَنَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهَا: (ادْنُ مِنِّي) .
فَأَبَتْ أَنْ تَفْعَلَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهَا: (لَقَدْ كُنْتِ قَبْلَ هَذَا شَدِيدَةَ اللُّزُوقِ بِظَهْرِي) "

وهذا حديث منكر ، وفي النسخة سقط ، فعبد الوارث بن سعيد لم يسمع من عائشة رضي الله عنها حتى يقول : حدثتني عائشة . فهو من أتباع التابعين ، إنما روايته عن التابعين أمثال عبد العزيز بن صهيب وشعيب بن الحبحاب وأبي التياح وابن أبي عروبة ، وكانت وفاته سنة 180، وقيل : 179
انظر: "تهذيب التهذيب" (6/ 443) .
أما عائشة رضي الله عنها فتوفيت سنة 58
انظر : "تهذيب التهذيب" (12/ 436)
فبين وفاتيهما 121 عاما .
والصحيح أن هذا الحديث إنما يرويه عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنا مُحَمد بْن الزبير الحنظلي، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَر بْنَ عَبد الْعَزِيزِ يقول، حَدَّثَنا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ به .
هكذا رواه ابن عدي في "الكامل" (7/ 423) فذكره مختصرا.
ومحمد بن الزبير هذا : قال ابن معين ضعيف لا شيء، وقال أبو حاتم ليس بالقوي في حديثه إنكار، وقال البخاري منكر الحديث وفيه نظر، وقال النسائي ضعيف، وقال في موضع آخر ليس بثقة، وقال ابن عدي بصري كوفي قليل الحديث ، والذي يرويه غرائب وأفراد، وقال الساجي كان شعبة لا يرضاه، وأسند ابن عدي من طريق أبي داود الطيالسي قلت لشعبة مالك لا تحدث عن محمد بن الزبير؟ فقال مر به رجل فافترى عليه، فقلت له [أي : أنكرت عليه] ، فقال إنه أغاظني.
"تهذيب التهذيب" (9/ 167) .
وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/ 259):
" مُنكر الحَدِيث جداً ".
وقال بدر الدين العيني في "مغاني الأخيار" (3/ 542): متروك.
وقال ابن القيسراني رحمه الله عن هذا الحديث :
" رَوَاهُ مُحَمَّد بن الزبير الْحَنْظَلِي: عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة. وَمُحَمّد هَذَا قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ النَّسَائِيّ: ضَعِيف " .
انتهى من " ذخيرة الحفاظ" (2/ 921) .

والصحيح ما رواه أحمد في مسنده (18394) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: " جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا، أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: فَحَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا: ( أَلَا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ )، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: " يَا رَسُولَ اللهِ أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا ".
وصححه محققو المسند ، وكذا صححه الألباني في " الصحيحة "(2901) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب