الأربعاء 17 جمادى الآخرة 1446 - 18 ديسمبر 2024
العربية

حكم إنتاج حلقات الكرتون للأطفال

247541

تاريخ النشر : 27-03-2017

المشاهدات : 46904

السؤال

أرغب في إعداد سلسلة من حلقات فيديو الكارتون للأطفال ؛ لتعليمهم الإسلام بطريقة غير مباشرة ، من خلال القيم التي ستروجها حلقات مسلسل الكارتون ، حيث ستكون الحلقات تعليمية ، وتفيد الأطفال من جميع الديانات بشكل عام ، وأطفال المسلمين بشكل خاص ، وهو الهدف الأساسي من هذه الحلقات ، فعلى سبيل المثال تكون الحلقة عن شخصية تتعلم لماذا وكيف يجب عليها إطاعة الوالدين وما إلى ذلك . فما حكم ذلك؟ وما الحكم إن أردت إعداد سلسلة عن طريق الانترنت بحيث يستطيع الجمهور إرسال الأسئلة لي ، وأقوم بالإجابة عليها من خلال الفيديو ؟ والهدف من هذه الطريقة هو الإجابة عن طريق الفيديو ، ولكنني لن أظهر في الفيديو ، وإنما سيتم تصميم شخصية متحركة تجيب على الأسئلة . وسيعود علي هذا الأمر بمردود مالي ، وعليه فأنا أنظر إليه على أنه عمل تجاري ، ومن المهم أن يكون جائزًا شرعًا حتى يكون دخلي منه حلالًا ـ إن شاء الله ـ ؟

وسؤالي الأخير هو:

هل يمكن ذكر أنواع الكارتون الجائزة شرعًا ، فعلى سبيل المثال أريد تصميم شخصية الأسد بشكل طفل فهل يجوز لي وضع عينين وأنف له ، وما إلى ذلك؟

ملخص الجواب

يجوز إنتاج حلقات الكرتون للأطفال إذا كانت هادفة، وخلت من المحاذير كالموسيقى، ونشر الأفكار والعقائد المنحرفة.

الجواب

الحمد لله.

أولا:
الأصل تحريم رسم وتصوير ذوات الأرواح ، سواء كان ذلك نحتا أو على ورق أو قماش أو غيره، وسواء كان صورة حقيقية أو متخيلة؛ لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد كقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ) رواه البخاري (5950) ، ومسلم (2109).

لكن يستثنى من ذلك الصور والمجسمات التي يلعب بها الأطفال ؛ لحديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: " قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ أو خيبر، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّت رِيحٌ، فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ ، لُعَب. فَقَالَ: ( مَا هَذا يَا عَائِشَةُ؟ ) ، قَالَت: بَنَاتِي. وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ ، فَقَال: ( مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن؟ ) ، قَالت: فَرَسٌ. قَالَ: ( وَمَا هَذا الذي عَليه؟ ) ، قَالَت: جَنَاحَانِ ، قَالَ: ( فَرَسٌ لَه جَناحانِ؟! ) ، قَالَت: أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟! ، قَالَت: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه " رواه أبو داود (4932) وصححه العراقي في "تخريج الإحياء" (2/ 344) والألباني في "صحيح أبو داود".
قالَ الحافظُ ابنُ حجر في "فتح الباري" (10/ 527): "واستُدلَّ بهذا الحديثِ على جوازِ اتخاذِ صورِ البناتِ واللعب ، من أجلِ لَعِبِ البناتِ بهن ، وخُصَّ ذلك من عمومِ النهي عن اتخاذِ الصور، وبه جزمَ عياضٌ، ونقله عن الجمهورِ، وأنهم أجازوا بيعَ اللعبِ للبناتِ لتدريبهن من صغرِهن على أمرِ بيوتهِن وأولادهن" انتهى.

وهذا يدل على جواز أن يصنع الأطفال هذه المجسمات بأنفسهم ، أو أن تصنع لهم.
وعليه: فلا حرج في إنتاج أفلام الكرتون للأطفال ، إذا خلت من المحرمات كالموسيقى؛ لثبوت الرخصة في صور الأطفال ، ولما في وجود هذه الأفلام المنضبطة من تقليل للشر، وشغل للأطفال بما هو نافع أو مباح.

ولا حرج في تصميم شخصية الأسد على شكل طفل، ووضع عينين وأنف له.
قال الدكتور أحمد القاضي حفظه الله :" سألت شيخنا [أي ابن عثيمين] رحمه الله: ما حكم أفلام الكرتون التعليمية للأطفال، مثل فليم "محمد الفاتح"؟
فأجاب: لا بأس بذلك ، للفائدة ، ولكونه يشغلهم عما يضرهم ... " .
انتهى من "ثمرات التدوين من فتاوى ابن عثيمين".

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أرجو أن تبين لي حكم شراء أفلام الفيديو إذا كان يوجد فيها رسوم متحركة، مع أن هذه الرسوم هادفة ونافعة للأطفال، فهل يختلف الحكم بين الصور الحقيقة والمتحركة أم لا؟
فأجاب: هذه الأفلام التي فيها أشياء نافعة ، تنفع الصغار وتصدهم عن شر منها؛ إذا كان لا بد فلا شك أنها أهون من الأفلام الخليعة، والصغير يرخص له في اللهو واللعب ما لا يرخص للكبير، ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعائشة رضي الله عنها أن تلعب بالبنات؛ لأنه تزوجها وهي صغيرة، كان عمرها حين تزوجها ست سنوات، وبنى بها ولها تسع سنوات، وكان عليه الصلاة والسلام خير الناس لأهله، كان يمكنها من أن تلعب بهذه اللعب، فيرخص للصغار ما لا يرخص للكبار، فإذا اشترى الإنسان أفلاماً تكون فيها تسلية للصغار وليس فيها شيء محرم فهذا لا بأس به" انتهى من "اللقاء الشهري" رقم (47) .

وسئل رحمه الله: "كثير من الألعاب تحوي صورًا مرسومة باليد لذوات الأرواح ، والهدف منها غالبًا التعليم ، مثل هذه الموجودة في الكتاب الناطق ، فهل هي جائزة ؟
فأجاب بقوله: إذا كانت لتسلية الصغار ، فإن من أجاز اللعب للصغار : يجيز مثل هذه الصور، على أن هذه الصور ليست أيضًا مطابقة للصورة التي خلق الله عليها هذه المخلوقات المصورة ، كما يتضح مما هو أمامي . والخطب في هذا سهل".
انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (12/339).

ثانيا:
يجوز عمل حلقات كرتونية عن طريق الإنترنت، وتصميم شخصية متحركة تجيب على الأسئلة، إذا كان هذا خاصا بالأطفال؛ لما تقدم من الرخصة في ذلك، ولا حرج في أخذ مقابل على ذلك، فإن ما جازت صناعته ، جاز بيعه وتأجيره .

والحاصل :
جواز إنتاج حلقات الكرتون للأطفال إذا كانت هادفة، وخلت من المحاذير كالموسيقى، ونشر الأفكار والعقائد المنحرفة.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب