الاثنين 3 جمادى الأولى 1446 - 4 نوفمبر 2024
العربية

هل لها الاتفاق مع زوجها على الطلاق الرجعي على أن يعيدها إلى عصمته بعد العدة بنكاح جديد؟

249007

تاريخ النشر : 08-11-2016

المشاهدات : 10601

السؤال


أنا امرأة متزوجة منذ سنتين تقريبا ، ولدي طفلة ، قد تزوجت دون وضع أي شروط لحسن ظني بأهل زوجي ، ورضيت بالسكن المشترك معهم في دولة خليجية، ولكن منذ بداية زواجي بدأت سوء معاملة أم زوجي لي بالتوبيخ ، واﻹهانة أمام الجميع على كل صغيرة وكبيرة ، وبسبب مرضها بالشك تجبرني على أشياء وفق هواها، وكثرة مراقبتها لي في شؤوني الخاصة ، وحياتي الشخصية ، وكثرة الانتقادات الموجهة لي منها. كما أن أخواته يتدخلون ويقتحمون غرفة نومي دون مراعاة خصوصية الزوجين ، مما يشعرني بالغضب واﻹحراج ، لم أعد أجد حريتي الشخصية ، ولا حقي في الخصوصية بسبب كثرة تطفلهم ، وانتقاداتهم ، ولا حتى التزين لزوجي بسبب وجود أخو زوجي ، وقد بقيت أتحمل صابرة ، وباكية ، وأتغاضى عن تصرفات أهله ، وأعتذر لهم ولو كانوا مخطئين ، إرضاء لهم ، وعبثا يحاول زوجي نصحهم ، لكنها تعود بإيذائي بطريقة أخرى ، وحدث أن سافرت مرتين ، وحدث شجار على الأنترنت مع أخته فغضبت ، وقلت في لحظة غضب وقهر ما لا يليق ، وندمت ، وغضبوا عليَّ ، مع أنني دائما أتحملهم ، وهم لم يتحملوا غضبي الذي كتمته سنة ، فغضب علي زوجي ، واعتبرها إهانة له ، ولكن تصالحنا ورضوا مني بشروط أضعها ، ولكنهم خالفوا وعودهم ن ولم يفوا بشرطي ، فعادت المشاكل من جديد ، ولم يتغيروا في تصرفاتهم معي ، وخسرت كرامتي ، وماء وجهي ، ولم أعد احتمل العيش معهم في بيت مشترك ، علما أنه لم يكن بيني وبين زوجي أي خلاف إلا النزر اليسير ، وكنا نتغاضى عنه ، ويعاملني بالحسنى ، ولكنه مصاب بمرض نفسي منذ سبع سنوات ، ولم اكتشف مرضه إلا بعد الزواج ، وبسبب مشاكل أمه زادت حالته سوءا حتى خسر وظيفته ، ولم يعد قادرا على تلبية أبسط حقوقي في النفقة والسكن المستقل ، ولما عرض لي عمل بعيد قليلا يرفض زوجي ، ولكن فيه حل لمشكلتنا، فهل يجوز أن أتفق مع زوجي على طلاق رجعي بنية العودة بعد العدة بنكاح جديد؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
قد أحسنت بصبرك وإعانتك لزوجك.
وقد سبق في أجوبة عديدة في الموقع بيان : أن من حق الزوجة أن يكون لها مسكن خاص مع زوجها ، لا يشاركها فيه أحد ، لا أب ولا أم ولا قريب . وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ، ورأوا أن للزوجة الامتناع من السكن مع أبي الزوج وأمه وإخوته .
وينظر كلامهم في جواب السؤال رقم : (94965) .

ثانيا:
لا ندري ما الفائدة مما ذكرت من الطلاق وانتظار انتهاء العدة ، ثم العقد من جديد .

وإذا كان قد تقرر أن من حق الزوجة أن تنفرد بمسكن خاص لها ، وأن تمتنع من السكن مع أسرته ، لا سيما مع تضرر المرأة بذلك ، كما هو ظاهر من سؤالك ؛ فبالإمكان أن تشترطي عليه ذلك ، وتمتنعي من السكنى في هذا المكان الذي تنتهك فيه خصوصيتك ، وحرمة بيتك ، حتى يوفر لك مسكنا آخر ، ملائما ، تستقلي فيه بالعيش مع زوجك .
وفي نظرنا أن هذا حل أقرب ، وأفضل ، من اللجوء إلى مسألة الطلاق ، بغرض البدء بحياة جديدة ؛ فإن في هذا من المغامرة والخطر على الطرفين ، ما لا ننصح به ، ولا نراه ـ أيضا ـ محققا للمقصد الشرعي من تشريع الله الطلاق لعباده .

ولكن من حيث الحكم الشرعي: هنا ثلاثة أمور:
1-الطلاق مكروه إذا كان لغير حاجة، وقيل: يحرم.
قال ابن قدامة رحمه الله: " والطلاق على خمسة أضرب: ... ومكروه : وهو الطلاق من غير حاجة إليه ، وقال القاضي: فيه روايتان : إحداهما : أنه محرم لأنه ضرر بنفسه وزوجته ، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما ، من غير حاجة إليه ؛ فكان حراما، كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار).
والثانية : أنه مباح لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)، وفي لفظ: (ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق) رواه أبو داود، وإنما يكون مبغَضا من غير حاجة إليه، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالا، ولأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها، فيكون مكروها" انتهى من "المغني" (8/235).

2-إذا طلق الزوج زوجته طلاقا على غير عوض، وكان ذلك الطلقة الأولى أو الثانية، فهو طلاق رجعي، يملك فيه الرجعة ، ولو كرهت الزوجة.
وإذا اتفق معها على إسقاط حقه في الرجعة لم يسقط حقه، بل له أن يراجعها أثناء العدة؛ لأن الرجعة حق الله تعالى ، فلا يسقط بإسقاط الزوجين له.
قال ابن القيم رحمه الله: " وأما الرجعة: فهل هي حق للزوج ، يملك إسقاطها ، بأن يطلقها واحدة بائنة، أم هي حق لله ، فلا يملك إسقاطها ؛ ولو قال: أنت طالق طلقة بائنة، وقعت رجعية ؟
أم هي حق لهما ، فإن تراضيا بالخلع ، بلا عوض، وقع طلاقا بائنا، ولا رجعة فيه؟
فيه ثلاثة أقوال :
فالأول: مذهب أبى حنيفة، وإحدى الروايات عن أحمد.
والثاني: مذهب الشافعي، والرواية الثانية عن أحمد.
والثالث: مذهب مالك، والرواية الثالثة عن أحمد.
والصواب: أن الرجعة حق لله تعالى ، ليس لهما أن يتفقا على إسقاطها، وليس له أن يطلقها طلقة بائنة، ولو رضيت الزوجة، كما أنه ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا عوض ، بالاتفاق" انتهى من "زاد المعاد"(5/676).

3-إذا انقضت العدة دون رجعة، بانت الزوجة من زوجها بينونة صغرى، ولم يملك زوجها الرجوع إليها إلا بعقد جديد مستوف للشروط من الولي والشاهدين، ولها أن ترفض نكاحه.

فينبغي للزوج الحذر من ذلك ، فقد تنقضي العدة وترفض الزوجة أو وليها نكاحه من جديد ، وقد يشترطون عليه من المهر أو الشروط ما لا يقدر عليه.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب