الحمد لله.
أولا:
قد أحسنت بصبرك وإعانتك لزوجك.
وقد سبق في أجوبة عديدة في الموقع بيان : أن من حق الزوجة أن يكون لها مسكن خاص مع زوجها ، لا يشاركها فيه أحد ، لا أب ولا أم ولا قريب . وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ، ورأوا أن للزوجة الامتناع من السكن مع أبي الزوج وأمه وإخوته .
وينظر كلامهم في جواب السؤال رقم : (94965) .
ثانيا:
لا ندري ما الفائدة مما ذكرت من الطلاق وانتظار انتهاء العدة ، ثم العقد من جديد .
وإذا كان قد تقرر أن من حق
الزوجة أن تنفرد بمسكن خاص لها ، وأن تمتنع من السكن مع أسرته ، لا سيما مع تضرر
المرأة بذلك ، كما هو ظاهر من سؤالك ؛ فبالإمكان أن تشترطي عليه ذلك ، وتمتنعي من
السكنى في هذا المكان الذي تنتهك فيه خصوصيتك ، وحرمة بيتك ، حتى يوفر لك مسكنا آخر
، ملائما ، تستقلي فيه بالعيش مع زوجك .
وفي نظرنا أن هذا حل أقرب ، وأفضل ، من اللجوء إلى مسألة الطلاق ، بغرض البدء بحياة
جديدة ؛ فإن في هذا من المغامرة والخطر على الطرفين ، ما لا ننصح به ، ولا نراه ـ
أيضا ـ محققا للمقصد الشرعي من تشريع الله الطلاق لعباده .
ولكن من حيث الحكم الشرعي:
هنا ثلاثة أمور:
1-الطلاق مكروه إذا كان لغير حاجة، وقيل: يحرم.
قال ابن قدامة رحمه الله: " والطلاق على خمسة أضرب: ... ومكروه : وهو الطلاق من غير
حاجة إليه ، وقال القاضي: فيه روايتان : إحداهما : أنه محرم لأنه ضرر بنفسه وزوجته
، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما ، من غير حاجة إليه ؛ فكان حراما، كإتلاف المال،
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار).
والثانية : أنه مباح لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)،
وفي لفظ: (ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق) رواه أبو داود، وإنما يكون مبغَضا
من غير حاجة إليه، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالا، ولأنه مزيل للنكاح
المشتمل على المصالح المندوب إليها، فيكون مكروها" انتهى من "المغني" (8/235).
2-إذا طلق الزوج زوجته طلاقا
على غير عوض، وكان ذلك الطلقة الأولى أو الثانية، فهو طلاق رجعي، يملك فيه الرجعة ،
ولو كرهت الزوجة.
وإذا اتفق معها على إسقاط حقه في الرجعة لم يسقط حقه، بل له أن يراجعها أثناء العدة؛
لأن الرجعة حق الله تعالى ، فلا يسقط بإسقاط الزوجين له.
قال ابن القيم رحمه الله: " وأما الرجعة: فهل هي حق للزوج ، يملك إسقاطها ، بأن
يطلقها واحدة بائنة، أم هي حق لله ، فلا يملك إسقاطها ؛ ولو قال: أنت طالق طلقة
بائنة، وقعت رجعية ؟
أم هي حق لهما ، فإن تراضيا بالخلع ، بلا عوض، وقع طلاقا بائنا، ولا رجعة فيه؟
فيه ثلاثة أقوال :
فالأول: مذهب أبى حنيفة، وإحدى الروايات عن أحمد.
والثاني: مذهب الشافعي، والرواية الثانية عن أحمد.
والثالث: مذهب مالك، والرواية الثالثة عن أحمد.
والصواب: أن الرجعة حق لله تعالى ، ليس لهما أن يتفقا على إسقاطها، وليس له أن
يطلقها طلقة بائنة، ولو رضيت الزوجة، كما أنه ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا
عوض ، بالاتفاق" انتهى من "زاد المعاد"(5/676).
3-إذا انقضت العدة دون رجعة، بانت الزوجة من زوجها بينونة صغرى، ولم يملك زوجها الرجوع إليها إلا بعقد جديد مستوف للشروط من الولي والشاهدين، ولها أن ترفض نكاحه.
فينبغي للزوج الحذر من ذلك ،
فقد تنقضي العدة وترفض الزوجة أو وليها نكاحه من جديد ، وقد يشترطون عليه من المهر
أو الشروط ما لا يقدر عليه.
والله أعلم.
تعليق