الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل يلزمه إحضار منفضة السجائر لوالده ، وهل يقبل دعاء الوالد عليه بسبب ذلك؟

249144

تاريخ النشر : 04-12-2016

المشاهدات : 11341

السؤال


هل يجوز إحضار نفاضة السجائر للوالد ، أو دله عليها بحجة النظافة بدل من رميها على الأرض ؟ وهل دعاء الوالد على الابن مقبول في هذه الحالة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
يحرم شرب السجائر والإعانة عليها بشراء أو حمل ، ولا تجب طاعة الوالد لو أمر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) ، وقوله : ( لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه أحمد (1098).
وانظر في تحريم شرب الدخان : السؤال رقم : (127312) .
ثانيا:
إذا طلب الوالد منفضة السجاير، فإن كان في ذلك إعانة له على التدخين ، بحيث لو امتنعت عن إحضارها لم يدخن ، فلا يجوز إحضارها.
وإن كان امتناعك لا يؤثر، وسيدخن في كل الأحوال ، ويلقي أثر الدخان على الأرض ، فلا حرج عليك في إحضار المنفضة ، أو دلالته على مكانها؛ لأن المنكر حاصل ، وليس في امتناعك إلا إغضابه .

ثالثا:
دعاء الوالد على ولده إن كان بغير حق ، فإنه لا يستجاب ، ومن ذلك دعاؤه عليه إذا لم يعنه أو لم يطعه في منكر من المنكرات.
والدعاء بغير حق لا يستجاب؛ لما روى مسلم (2735) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ) ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الِاسْتِعْجَالُ ؟ ، قَالَ : يَقُولُ : ( قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ).
والدعاء على الولد بغير حق ، من الإثم ؛ وهو منهي عنه، لما روى مسلم (3014) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ ).

وسئل الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله : " هل تستجاب دعوة الوالد على ولده إذا كان الوالد على خطأ والولد على صواب ؟
فأجاب: لا تستجاب دعوتهما [أي : والديه] ما دام أن الولد على حق والوالد على خطأ ، فإن الله لا يستجيب دعوته ، فإن العقوق من الولد لوالديه إذا كان لم يقم بواجبهما ، أو قصر في حقوقهما ، أما مجرد أن الأب يأمر ولده ، أو ينهاه فيما لا مصلحة فيه : هذا لا يلزم الولد قبوله ، كما لو قال الأب لابنه : طلق زوجتك بدون سبب ، فلا يلزم الابن ذلك استجابة لطلب أبيه أو أمه ، فامتناعه عن هذا لا يسمى عقوقاً ، ولو دعوا عليه ، فإنه لا يأثم ولا حرج إن شاء الله والله أعلم " انتهى من " فتاوى الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله " ص 30 .
وانظر: السؤال رقم : (178308) .

وأيضا: الدعاء في حال الغضب والضجر الذي لا يراد حقيقته، لا يستجاب، وهذا من رحمة الله بعباده، كما قال: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) يونس/11 .
قال ابن كثير رحمه الله : " يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده : أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم ، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك ، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفا ورحمة ، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء؛ ولهذا قال: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم) ؛ أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم ، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك، كما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا محمد بن معمر، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد، حدثنا جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم،لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم)...
وقال مجاهد في تفسير هذه الآية: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) : هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: "اللهم لا تبارك فيه والعنه". فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك، كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم" انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/251).

وما جاء في السنة من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ) رواه الترمذي ( 1905 ) ، وأبو داود ( 1563 ) ، وابن ماجه ( 3862 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
هذه الاستجابة المذكورة في الحديث ، قيدها بعض أهل العلم بكون الولد ظالما أو عاقا.
قال في "فيض القدير" (3/397) :
" أما المظلوم : فلظلامته وقهره ، وأما المسافر : فلغربته ووحدته ، وأما الوالد : فلرفعة منزلته.
ثم الظاهر أن ما ذكر في الولد مخصوص بما إذا كان الولد كافرا ، أو عاقا غاليا في العقوق ، لا يرجى بره" انتهى من " فيض القدير ".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب