الحمد لله.
أولا :
ما ننصح به في هذا الخصوص أن تتعرفوا على أرحامكم ، وأن تتأملوا علاقتهم بكم ، وما يكنونه لكم على مهل وروية ، وعلى هذا ينبني مصارحتهم بأنكم على مذهب أهل السنة ، ودعوتهم للتوحيد.
فإن رأيتم منهم إقبالا وإحسانا وبعدا عن التعصب فينبغي إخبارهم ودعوتهم إلى الحق.
وإن رأيتم جفاء وإعراضا ، مع احتمال إلحاق الأذى بكم ، فالأولى البعد عنهم، وعدم مصارحتهم بشيء.
وإن تردد الأمر ، ولم تتبينوا شيئا ، أو توقعتم حصول ضرر ، ولو كان ذلك تحت تأثير حالتك المرضية : فلا حرج عليكم في أن تظلوا على تلك الحال ، إلى أن يتيسر الأمر ، ويغلب على ظنكم الأمن من الضرر من تلك المخالطة .
والواجب على من يتصدى لدعوة أهل البدع أن يكون عارفا بمذهب أهل السنة أولا، مطلعا على شبهات المخالف وطرق الجواب عنها، وإلا عرّض نفسه للشبهات والوساوس، وكان بضعفه فتنة لمن يدعوه .
فتحتاجين ، قبل التعرض لدعوة أقربائك : إلى تأهيل نفسك بدراسة العقيدة الصحيحة وإتقانها، ثم دراسة مذهب المخالف ، ومعرفة شبهاته والجواب عنها.
فإذا لم تكوني مؤهلة هذا التأهيل ، أو تخشين زيادة الوسوسة، أو جلب مزيد من الشكوك، فالأولى أن تنأي بنفسك عن ذلك .
وإذا لم يكن معك من هو مؤهل للدعوة فربما كان عدم التعرف على من ذكرت هو الخير لكم .
ثانيا:
علاج الوساوس يكون بالإعراض عنها، مع الإقبال على الله تعالى وكثرة ذكره .
مع أن الظاهر من حالك أنك تحتاجين إلى مراجعة طبيب مختص ؛ فإن الوسواس القهري : مرض طبي معروف ، له علاجه الدوائي عند الأطباء ، مع علاجه المعرفي السلوكي أيضا ، الذي يرشد إليه الطبيب ، أو المختص في ذلك النوع من العلاج .
وراجعي السؤال رقم : (175303) .
ثالثا:
لا تجب صلة أهل البدع ، ولو كانوا من الرحم.
قال ابن مفلح رحمه الله : " وقال أحمد في مكان آخر: ويجب هجر من كفر، أو فسق ببدعة، أو دعا إلى بدعة مضلة ، أو مفسّقة ؛ على من عجز عن الرد عليه ، أو خاف الاغترار به ، والتأذي، دون غيره .
وقيل: يجب هجره مطلقا، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد السابق، وقطع ابن عقيل به في معتقده قال: ليكون ذلك كسرا له ، واستصلاحا...
وقال القاضي أبو الحسين في التمام: لا تختلف الرواية في وجوب هجر أهل البدع ، وفساق الملة؛ أطلق كما ترى، وظاهره : أنه لا فرق بين المجاهر وغيره ، في المبتدع والفاسق .
قال: ولا فرق في ذلك بين ذي الرحم، والأجنبي، إذا كان الحق لله تعالى، فأما إذا كان الحق لآدمي ، كالقذف والسب والغيبة وأخذ ماله غصبا ونحو ذلك ؛ نظرت : فإن كان المهاجر والفاعل لذلك من أقاربه وأرحامه ، لم تجز هجرته، وإن كان غيره، فهل تجوز هجرته أم لا؟
على روايتين .
وهذا لفظ والده [يعني : القاضي أبا يعلى ، والد القاضي أبي الحسين] في الأمر بالمعروف ، أو معناه ، إلا أنه قال: وإن كان لحق غيره، فهل تجوز ؟ على روايتين...
وكلام أكثر الأصحاب يقتضي أنه لا فرق، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في مواضع، وهو الأولى. والأخبار في صلة الرحم تُخص بأدلة الهجر" انتهى من " الآداب الشرعية " (1/237).
والله أعلم.
تعليق