الأحد 10 ربيع الآخر 1446 - 13 اكتوبر 2024
العربية

والده يزوج البنات ويرفض مساعدة أبنائه الذكور فهل يلزمه العدل ؟

254825

تاريخ النشر : 06-05-2017

المشاهدات : 25338

السؤال


هل إذا أنفق الأب على زواج البنت المال الكثير ، ولنقل حوالي 150 ألف جنيها ، فهل يلزمه العدل بين أولاده جميعا خاصة الذكور ؛ لأنهم جميعا في سن الزواج ، وهو يرفض نفقتهم بالكامل ؟ ولو كان يلزمه ، فهل يعطيهم نفس القيمة ؛ لأنه ليس ميراثا شرعا ، أم الضعف فتعامل معاملة الميراث ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
يجب على الأب أن يزوج أولاده إذا احتاجوا للزواج ، ولم يكن عندهم ما يتزوجون به، وذلك داخل في النفقة الواجبة .
قال ابن قدامة رحمه الله : " قال أصحابنا : وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته ، وكان محتاجا إلى إعفافه ، وهو قول بعض أصحاب الشافعي " انتهى من "المغني" ( 8 / 172 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب ، ولذلك قال أهل العلم : إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه ، إن كان ماله يتسع لذلك . فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به .
لكن سمعت أن بعض الآباء الذين نسوا حالهم ، حال الشباب ، إذا طلب ابنه منه الزواج ، قال له : تزوج من عرق جبينك !!
وهذا غير جائز ، وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه ، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه ، مع قدرته على تزويجه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/410)، "فتاوى
أركان الإسلام" ص440-441 .

فإذا كان جميع إخوتك الذكور في سن الزواج، وبحاجة إليه، وكان لأبيك مال، فإنه يلزمه أن يزوج منهم من لا يجد نفقات الزواج، وهذا من باب النفقة الواجبة لا العطية والهبة، فلا يلزم فيها التسوية ، ولا أن يعطي الذكر ضعف الأنثى، بل يلزم إعطاء كل ولد ما يحتاج إليه، فقد تحتاج البنت أكثر من الذكر، وقد يكون العكس، وقد يوجد من أبنائه من لديه تكاليف الزواج ، فلا يلزمه إعطاؤه، بل لو أعطاه كان ذلك هبة، يلزمه فيها العدل.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله منبها على الفرق بين النفقة والعطية :
" فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس ، ويحتاج إلى نفقة للمدرسة من كتب ودفاتر وأقلام وحبر وما أشبه ذلك ، والآخر لا يقرأ ، وهو أكبر منه ، لكنه لا يحتاج ، فهل إذا أعطى الأول يجب أن يعطي الثاني مثله ؟
الجواب : لا يجب ؛ لأن التعديل في الإنفاق يعني أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج إليه .
مثاله : لو احتاج الولد الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال ، واحتاجت الأنثى إلى قروط في الآذان قيمتها ألف ريال ، فما هو العدل ؟
الجواب : العدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال ، ويشتري للأنثى القروط بألف ريال أضعاف الذكر عشر مرات ، هذا هو التعديل .
مثال آخر : إذا احتاج أحدهم إلى تزويجه والآخر لا يحتاج ، فما العدل ؟
الجواب : أن يعطى من يحتاج إلى التزويج ولا يعطى الآخر .
ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج ، ويكون له أولاد صغار ، فيكتب في وصيته : إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا : أن يُزَوًّج كل واحد منهم من الثلث ، فهذا لا يجوز ؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات ، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج ، فالوصية لهم حرام ، ولا تنفذ أيضا ، حتى الورثة لا يجوز لهم أن ينفذوها ، إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك ، فلا بأس بالنسبة لحقه في التركة " انتهى من "الشرح الممتع" (4/599) .

ثانيا:
إذا كان جميع إخوتك لا يجدون تكاليف الزواج، وكان لأبيك مال وجب عليه أن يزوجهم جميعا، ويعينهم بما يحتاجون إليه في أمر زواجهم ، سواء كان أكثر مما أعطى البنات ، أو أقل ، أو مساويا له .
فإن زوج البنات وترك الذكور : أثم بذلك؛ لتركه ما وجب عليه من النفقة.
ثالثا:
إذا بالغ الأب في نفقة زواج ابنته، فوق ما تحتاجه مثيلاتها لأجل ذلك ؛ فما زاد على قدر الحاجة فهو عطية وهبة ، فلو كان زواجها يكلف مائة ألف، فزوجها بمائة وخمسين، كانت الخمسون عطية، يلزمه فيها العدل.
والعدل بين الأولاد في العطية واجب، وصفته أن يعطي الذكر ضعف الأنثى، فيلزمه في المثال السابق أن يعطي كل ذكر مائة ألف، وكل أنثى أخرى خمسين ألفا، أو أن يسترد الخمسين التي زادها في زواج ابنته.
قال ابن قدامة رحمه الله: " يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية ، إذا لم يُخْتَصّ أحدُهم بمعنى يبيح التفضيل .
فإن خَص بعضَهم بعطيته ، أو فاضل بينهم فيها : أثم .
ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما فَضَّل به البعض . وإما إتمام نصيب الآخر.
قال طاوس: لا يجوز ذلك ، ولا رغيف محترق. وبه قال ابن المبارك وروي معناه عن مجاهد ، وعروة " انتهى من "المغني" (5/ 387).

وينظر في وجوب العدل في العطية: السؤال رقم : (22169).
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب