الحمد لله.
أولا:
ما يراه النائم على ثلاثة أنواع :
رؤيا ، وهي من الله تعالى ، وحلُم وهو من الشيطان ، وحديث النفس.
والرؤيا : مشاهدة النائم أمراً محبوباً ، وهي من الله تعالى ، وقد يراد بها تبشير بخير ، أو تحذير من شر ، أو مساعدة وإرشاد ، ويسن حمد الله تعالى عليها ، وأن يحدث بها الأحبة دون غيرهم .
والحلُم : هو ما يراه النائم من مكروه وفزع ، وهو من الشيطان ، ويسن أن يتعوذ بالله منه ويبصق عن يساره ثلاثا ، وأن لا يحدِّث به ، فمن فعل ذلك لا يضره ، كما يستحب أن يتحول عن جنبه ، وأن يصلي ركعتين .
وأما حديث النفس ، ويسمى " أضغاث أحلام " ، فهي أحداث ومخاوف في الذاكرة والعقل الباطن ، يعيد تكوينها مرة أخرى في أثناء النوم ، كمن يعمل في حرفة ويمضي يومه في العمل بها وقبل نومه يفكر فيها ، فيرى ما يتعلق بها في منامه ، ولا تأويل لهذه الأشياء .
روى أحمد (9129) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: ( الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ : فَبُشْرَى مِنْ اللَّهِ ، وَحَدِيثُ
النَّفْسِ ، وَتَخْوِيفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ .
فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا تُعْجِبُهُ : فَلْيَقُصَّهَا إِنْ شَاءَ .
وَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ : فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ ، وَلْيَقُمْ
فَلْيُصَلِّ).
قال شعيب الأرنؤوط: "صحيح وهذا إسناد قوي".
والرؤيا المكروهة المفزعة لا تؤول ، بل ولا يحدث بها صاحبها؛ لما روى مسلم
(2268) عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"
أَنَّهُ قَالَ لِأَعْرَابِيٍّ جَاءَهُ ، فَقَالَ : إِنِّي حَلَمْتُ أَنَّ رَأْسِي
قُطِعَ ، فَأَنَا أَتَّبِعُهُ ؟!
فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ: ( لَا
تُخْبِرْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي الْمَنَامِ) ".
وروى مسلم (2268) عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِي ، إِنَّهُ لَا
يَنْبَغِي لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ فِي صُورَتِي ) .
وَقَالَ : ( إِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يُخْبِرْ أَحَدًا بِتَلَعُّبِ
الشَّيْطَانِ بِهِ فِي الْمَنَامِ).
ثانيا:
لا يجوز الاعتماد في تفسير الرؤيا على الكتب.
وفي " حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب " – من كتب المالكية - ( 2 / 660 (: " فلا
يجوز له تعبيرها بمجرد النظر في كتاب التفسير ، كما يقع الآن ، فهو حرام ؛ لأنها
تختلف باختلاف الأشخاص ، والأحوال ، والأزمان ، وأوصاف الرائين .
ولذلك سأل رجلٌ ابنَ سيرين بأنه رأى نفسه أذَّن في النوم ؟
فقال له : تسرق ، وتُقطع يدك .
وسأله آخر وقال له مثل هذا ؟
فقال له : تحج !
فوجد كلٌّ منهما ما فسره له به .
فقيل له في ذلك ، فقال : رأيتُ هذا سُمَيَّتُهُ حسنة ، والآخر سُمَيَّتُهُ قبيحة "
انتهى .
والحاصل أن الرؤيا المفزعة المكروهة من الشيطان، وأنها لا تؤول، ولا يحدث بها.
ومعنى : لا تؤول : أن أدب الشرع لصاحبها : ألا يشتغل بتأويلها ، وتفسيرها ؛ بل
يعرض عنها، ويتلهى عن شأنها .
فإذا فعل ذلك أي (المنهي عنه من تأويلها والتحديث بها) ، فقد خالف السنة ، وربما وقع له الأمر المكروه ، لأجل ذلك .
وأما أن مؤلف كتاب في تفسير الأحلام ، أو في غير ذلك ، يضع آيات من القرآن
الكريم ؛ فليس ذلك دليلا على صحة كتابه ، أو صحة ما في كلامه ؛ فإن الكتاب هو من
تأليف صاحبه ، وكونه وضع آية من القرآن ، أو استشهد بها، لا يعني بحال أن كتابه
صحيح ، أو تأويله صحيح ، ولا يدل على أن الآية حقا توافق ما يقول ، أو أنها تدل
عليه ، أو تشير وتلمح إليه؛ بل غايته أن يكون كلامه محتملا للصواب والخطأ .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (67624) ، ورقم : (25768) ، ورقم : (115945).
والله أعلم.
تعليق