الخميس 13 جمادى الأولى 1446 - 14 نوفمبر 2024
العربية

الحسين سيد شباب أهل الجنة، ولا ينتقص من قدره أنه اجتهد فأخطأ

256982

تاريخ النشر : 24-02-2018

المشاهدات : 48636

السؤال


كيف يكون الحسين سيد شباب أهل الجنة ، وكلنا يعلم خروجه على يزيد ، بل قد يكون هنالك نبي مات وهو شاب ، فكيف يكون الحسين سيدًا على نبي ؟

الجواب

الحمد لله.


الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولا ريب ، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ، في "مسند أحمد" (17/31) ، وذلك لما لهما من الفضائل والمآثر، ولما قام فيهما من الديانة والأمانة، وما حملاه من أعظم الأخلاق ، وأكرم الخلال التي تربيا عليها في بيت النبوة .
ولكن ذلك لا يعني تفضيلهما رضي الله عنهما على الأنبياء ، أو الخلفاء الراشدين ، فالأنبياء في أعلى المقامات وأقربها عند الله سبحانه باتفاق العلماء ، وكل الأحاديث التي جاءت بتفضيل الصحابة إنما يقصد بها تفضيلهم على طبقتهم ومن بعدهم ، وليس على طبقة الرسل والأنبياء ؛ فهم في مقام خاص لا يشمله مقام الآخرين ، ولا يدخلون في خطابه .
وهذا واضح ، لا إشكال فيه ، ولا ريب .
أما منازعة الحسين رضي الله عنه يزيد في الإمارة، فلا يجوز بحال من الأحوال عده مطعنا في شخصه ، ولا إشكالا في فضائله ، وذلك لما هو معلوم ومتقرر من أن كون الرجل من أهل الجنة لا يعني أنه ليس له اجتهادات يخطئ فيها الصواب ويكون له أجر واحد ، بل لا يعني العصمة من الذنوب .
وهؤلاء الخلفاء الثلاثة (عمر وعثمان وعلي) وهم مقطوع لهم بالجنة ، وأنهم أفضل من الحسين ومن كل من عداهم من الصحابة إلا أبا بكر ، ومع ذلك كانت لهم اجتهادات أخطؤوا في بعضها ، أو فات الواحد منهم ما فاته من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا في هذا مجتهدين لهم أجر واحد .
ومن هذا المنطلق كان خروج الحسين رضي الله عنه إلى العراق وطلب الأمر لنفسه ، فإنه كان يرى نفسه أحق بهذا الأمر وأن ولايته للمسلمين أصلح لهم دينا ودنيا من ولاية يزيد ، فلذلك فعل ما فعل اجتهادا ، وهو من أهل الاجتهاد يعذر في خطئه ويؤجر، مع إيماننا بحسن قصده وأهليته للأمر.
ثم هو قبل حصول القتال تبين الأمر له أنه سيكون مفسدة بلا مصلحة ، فتراجع عن طلب الأمر لنفسه ، وطلب منهم إحدى ثلاثة أمور ولكنهم أبوا إلا إذلاله ، فلم يوافقهم على ذلك ، وهو محق في أنفة الذل ، ورفض الدنية .
وبعد ، فتلك أمة قد خلت ، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ، وليس من شأن المؤمن الناصح لنفسه أن يدخلها في تلك المضايق ، ويوردها تلك الموارد ، بل يحسن الظن بسلفه الكرام ، ويكون كما قال الله عز وجل : ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر/10 .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب