الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز نقل الميت إذا دفن في بلد ينبشون القبور ولا يراعون حرمته؟

257526

تاريخ النشر : 03-10-2023

المشاهدات : 2512

السؤال

أنا الان حاليا في الهند، هل يجوز أن أنقل قبر أبي إلى بلدي لكي لا ينبشوا قبره لأنه في الهند بعد سنة الى خمس سنوات يقومون بدفن ميت جديد مكانه وبعثرت عظام الأول وضياع العظام وكسر عظام الميت لأن القبار غير مهتم بترتيب الميت القديم ودفنه على جنب، ولقد رايت اربع جماجم تدفن مع ابي ولكن لا يوجد عظم الجسم الباقي الا قليل كرجل وتلات ايدي، وهل يجوز نبش القبر لتعديل قبر الميت للقبلة أم لا بزاوية ٣٠ درجة، وللعلم لم يعملوا اللحد في المقبرة لا اعلم لماذا لكن يمكن يكون لان الامطار كثيفة لكي لا يقع التربة وتغمس ابي

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم نبش القبر إلا أن يوجد سبب شرعي يبيح ذلك، أو يتقين أن الميت صار رميما ولم يبق له أثر.

قال النووي رحمه الله: "وَأَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، وَيَجُوزُ نَبْشُ الْقَبْرِ إذَا بَلِيَ الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ ، وَيَجُوزُ زَرْعُ تِلْكَ الْأَرْضِ وَبِنَاؤُهَا وَسَائِرُ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ كَانَتْ عَارِيَّةً رَجَعَ فِيهَا الْمُعِيرُ.

وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ لِلْمَيِّتِ أَثَرٌ مِنْ عَظْمٍ وَغَيْرِهِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا رحمهم الله : وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَرْضِ وَيُعْتَمَدُ فِيهِ قَوْلُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَا" انتهى من "المجموع" (5/273)

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/194): " وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا: جَازَ نَبْشُ قَبْرِهِ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ ، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ رَجَعَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ ، فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ فِيهَا عِظَامًا دَفَنَهَا ، وَحَفَرَ فِي مَكَان آخَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ " انتهى .

ثانيا:

إذا كان بقاء جثة الميت في مكانها يؤدي إلى الإضرار بها، جاز نقلها إلى مكان مناسب.

و قد بوَّب البخاري رحمه الله في صحيحه: " باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لِعلّة ؟ " ، وروى حديثا عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا ، فَاقْضِ ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا . فَأَصْبَحْنَا ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً ، غَيْرَ أُذُنِهِ " رواه البخاري ( 1351 ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " لا ينبش الميت من قبره ، إلا لحاجة ؛ مثل أن يكون المدفن الأول فيه ما يؤذي الميت ، فينقل إلى غيره ، كما نقل بعض الصحابة في مثل ذلك " .انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 24 /303 ).

وقال الباجي رحمه الله: " ولا بأس بحفر القبر وإخراج الميت منه ، إذا كان ذلك لوجه مصلحة ، ولم يكن في ذلك إضرار به ، وليس من هذا الباب نبش القبور ، فإن ذلك لوجه الضرر ، أو لغير منفعة " انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (3/225).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :ما حكم الشرع في نظركم يا سماحة الشيخ في نقل عظام الميت من مكان إلى مكان آخر ، بغرض بناء القبر من الطوب اللبِن إلى الطوب الأحمر ؟

فأجاب رحمه الله :"لا يشرع هذا ، إذا دفن الميت على الوجهة الشرعية : فالحمد لله ، لا حاجة إلى نبشه ، ولا حاجة إلى تغيير اللبِن من نوع إلى نوع.

أما إذا كان دفن في محل غير مناسب : على الطريق ، أو محل تأتي فيه السيول ، أو ما أشبه : ينقل من المحل إلى المقبرة العامة ، إلى محل بعيد عن الخطر ، على العادة التي يدفن عليها الناس ، يوضع في لحده ويوضع عليه اللبن ، ثم يهال عليه التراب كغيره من الموتى .

أما أنه ينبش : من أجل تغيير اللبِن ، أو تغيير كذا : فهذا لا أصل له ، بل يترك على حال دفنه ، ما دام قد دفن على الطريقة الشرعية " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (14/179) .

وعلى هذا :

فإذا خشيت أن ينبشوا القبر ، ولا يراعوا حرمة الميت ، فانقله إلى بلدك إن تيسر لك ذلك ؛ لكن بشرط أن يكون في نقله ذلك صيانة له ، وحفظ لحرمته ، وأن عملية النقل هذه : مجربة قبل ذلك ، مأمونة .

ثانيا:

يجب أن يوجه الميت في القبر إلى القبلة؛ لما رواه عمير بن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البيت الحرام: قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا رواه أبو داود (2874) ، وحسنه الشيخ الألباني في "الإرواء" (3/154) .

قال البهوتي رحمه الله : "ويجب أن يُستقبل بالميت القبلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الكعبة (قبلتكم أحياء وأمواتاً) ، ولأنه طريقة المسلمين بنقل الخلف عن السلف " انتهى من "دقائق أولي النهى" (1/372) .

فإن دُفن الميت إلى غير جهة القبلة وجب أن ينبش القبر ، ويوجه الميت إلى جهة القبلة ، إلا إذا كان قد مضى مدة على دفنه ، وتغير : فلا ينبش .

قال المرداوي رحمه : " فعلى المذهب : لو وضع غير مستقبل القبلة نبش على الصحيح من المذهب ، قال ابن عقيل : قال أصحابنا : ينبش إلا أن يخاف أن يتفسخ " انتهى من الإنصاف (2/ 547).

وقال في "مغني المحتاج" (2/35) : " فلو وُجّه لغيرها : نبش ، ووجه للقبلة ، وجوباً ؛ إن لم يتغير ، وإلا فلا ينبش" انتهى .

ثم إن الانحراف 30 درجة لا يعتبر انحرافا عن جهة القبلة، فإن الإنسان يظل مستقبلا الجهة  إلى 45 درجة.

وعليه : فلا ينبش القبر لذلك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب