الخميس 25 جمادى الآخرة 1446 - 26 ديسمبر 2024
العربية

تزوجت من كافر نطق بالشهادتين لأجل الزواج منها ولم يعتنق الإسلام حقيقة

257953

تاريخ النشر : 20-12-2016

المشاهدات : 12128

السؤال


تزوجت به لاني تعرضت للظروف صعبة في بلاد الغربة انقضني من الضياع أو بالأحرى من التشرد أعلم اني مرتكبي ذنب كبير و اطلب من الله ان يغفر لي المهم هو أنه نطق بالشهادتين تزوجوا بطريقة شرعية شهودو صداق عن طريق القنصلية المغربية هو إيطالي اسمه أنطونيو اخترت له اسم عبد الرحمان امتثا لبعض شروطي انزع الصليب من عنقه ترك لحم الخنزير يرغب في الصيام لكن لا يستطيع ترك الماء للمشكلة صحية لكن عندما أقول له لازم اصلي يقول لي عندما يحين الوقت أرغب في الطلاق منه هل زواج باطا لكنه وعدني أن يدخل الإسلام تدريجيا اقوم بجميع واجباتي الدينى اني اتعذب اريد هجرته لكنه متعلق بي لا اريد ان تدمر له حياته كيف أساعده لكي يصلي ليصبح مسلمة حقيقية يرغب في الانتقال العيش معي في بلدي و يقول مع الوقت يتعلم كل شيء لأنه يحب طريقة عيشها اني اتمنى ان تكون سببا في اعتناقه الاسلام فعلا و من جهة أخاف أن أفشل وأريدكم رشدي و جزاكم الله خيرا عنا

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا نطق الكافر بالشهادتين مريدا الدخول في الإسلام، ثبت له الإسلام بذلك، وألزم ببقية  الأحكام  ، ومن أعظمها الصلاة.

وأما إذا نطق بهما لمجرد الإخبار عما في نفسه، دون إرادة الدخول في الإسلام، أو نطق بهما ليتم له العقد على مسلمة دون أن يدخل في الدين حقيقة، كما هو ظاهر سؤالك : فهذا لا ينفعه، ولا تحل له المسلمة بذلك.

فالمعتبر في النطق بالشهادتين أن يكون ذلك على وجه الإنشاء ، المتضمن للالتزام والانقياد .

ولهذا لم ينفع اليهود وغيرهم اعترافهم للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه رسول الله ، مع قولهم لا إله إلا الله؛ لأن ذلك كان على سبيل الإخبار ، دون التزام شريعته ، والانقياد لها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأيضا فقد جاء نفر من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: نشهد إنك لرسول ، ولم يكونوا مسلمين بذلك؛ لأنهم قالوا ذلك على سبيل الإخبار عما في أنفسهم، أي نعلم ونجزم أنك رسول الله، قال: فلم لا تتبعوني ؟ قالوا: نخاف من يهود.

فعُلم أن مجرد العلم والإخبار عنه : ليس بإيمان، حتى يتكلم بالإيمان على وجه الإنشاء ، المتضمن للالتزام والانقياد، مع تضمن ذلك الإخبار عما في أنفسهم" انتهى من مجموع الفتاوى (7/ 561).

وقال رحمه الله: " فإذا قال أحد هؤلاء العالِمين الجاحدين ، الذين ليسوا بمؤمنين: محمد رسول الله، كقول أولئك اليهود وغيرهم : فهذا خبر محض ، مطابق لعلمهم الذي قال الله فيه: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة/146.

لكن كما لا ينفعهم مجرد العلم، لا ينفعهم مجرد الخبر، بل لابد أن يقترن بالعلم في الباطن : مقتضاه : من العمل ، الذي هو المحبة والتعظيم والانقياد ونحو ذلك، كما أنه لابد أن يقترن بالخبر الظاهر مقتضاه : من الاستسلام والانقياد وأصل الطاعة" انتهى من التسعينية (2/ 673).

وقال ابن القيم رحمه الله في التعليق على قصة وفد نجران: " ومن تأمل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له بالرسالة ، وأنه صادق، فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام : علم أن الإسلام أمر وراء ذلك، وأنه ليس هو المعرفة فقط، ولا المعرفة والإقرار فقط، بل المعرفة والإقرار، والانقياد والتزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا" انتهى من زاد المعاد (3/ 558).

وإذا كان الرجل لم يدخل في الإسلام دخولا حقيقيا، فقد ارتكبت إثما عظيما وجرما شنيعا؛ لأنه لا تحل مسلمة لكافر، فإن وطئها كان ذلك زنا وسفاحا.

قال تعالى: (وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) البقرة/221

ثانيا:

الواجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى توبة صادقة، وأن تقطعي علاقتك بهذا الرجل، فلا يحل أن تعيشي معه ، ولا أن يخلو بك ، ولا أن يجامعك، إلا أن يسلم إسلاما حقيقيا، ثم يعقد نكاحك عقدا شرعيا ، مع وليك أو وكيله ، في حضور شاهدين مسلمين.

ولا عبرة بما ذكرت من أنه متعلق بك، وما أقبح هذا من عذر، فكيف ترضين بالزنا والعيش الحرام والدخول فيما يغضب الله تعالى ويسخطه ، لأجل ذلك.

واعلمي أنه إن دخل في الإسلام حقيقة، لم يجز لك الزواج منه حتى يصلي، فإنَّ ترك الصلاة كفر وردة عن الإسلام، على الصحيح من قولي العلماء، كما بيناه في أجوبة كثيرة، فانظري منها جواب السؤال رقم 5208

ولو عقد عليك وهو يصلي، ثم ترك الصلاة ، لزمك الامتناع منه حتى يصلي.

وانظري جواب السؤال رقم 6257 ورقم 26168

واعلمي أيضا أن النكاح لا يصح حتى يعقده ولي المرأة أو وكيله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7557

وولي المرأة هو: أبوها، ثم أبوه، ثم ابنها ثم ابنه -إن كان لها ابن-، ثم أخوها لأبيها وأمها، ثم أخوها لأبيها فقط، ثم أبناؤهما، ثم العمومة، ثم أبناؤهم، ثم عمومة الأب، ثم السلطان.

وينظر: "المغني" (9/ 355).

نسأل الله أن يمن عليك بالتوبة والأوبة، وأن يهدي هذا الرجل للإسلام.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب