الحمد لله.
أولا :
لا يشترط لصحة صلاة الجنازة أن تصلى الفريضة قبلها في الجماعة ، فلو صلى رجل على الجنازة ، بعدما صلى العصر في بيته ، أو كان قد فاتته صلاة العصر مع الجماعة ، فبدأ بالصلاة على الجنازة ، ثم صلى بعدها العصر : فلا حرج عليه في ذلك كله .
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : إذا دخل الرجل إلى المسجد وقد فاتته الصلاة المكتوبة مع الإمام ، وقد قُدِّم الميت للصلاة عليه : هل يُصلِّي مع الإمام على الجنازة ، أم يُصلِّي المكتوبة؟
فأجاب :
"يُصلِّي مع الإمام على الجنازة ، لأن المكتوبة يمكن إدراكها بعد، أما الجنازة فإنه سوف يُصلَّى عليها ، ثم ينصرفون بها" انتهى .
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (17/115) .
ثانيا :
يشرع للمسلم أن يصلي على ما شهده من الجنائز وإن كثرت ، وقد رتب الشارع على ذلك أجرا عظيما ، لا ينبغي لمسلم أن يفرط فيه .
روى البخاري (1325) ومسلم (945) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ . قِيلَ : وَمَا الْقِيرَاطَانِ ؟ قَالَ : مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ ) رواه البخاري (1325) ومسلم (945) .
ولما بلغ ابن عمر هذا الحديث ، وكان يتبع الجنازة حتى يصلي عليها ، ثم ينصرف قبل الدفن : ضَرَبَ ِبحَصَى كَانَ فِي يَدِهِ الأَرْضَ ، ثُمَّ قَالَ : ( لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ ) رواه مسلم (945).
فهذا الحديث يرغب في الصلاة على الجنازة ، فكلما أكثر المسلم منها فهو خير له .
وقد ورد ترتيب الأجر التام ، في شهود الجنازة ، على من حضرها تشييعها تاما ، من حين تخرج من بيت أهلها الذي كانت فيه ، حتى يفرغ من دفنها ، ومن نقص من ذلك ، فبحسب ما صنع .
روى أحمد في مسنده (11218) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ جَاءَ إِلَى جَنَازَةٍ فَمَشَى مَعَهَا مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ، أَوْ يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِثْلُ أُحُدٍ ) .
وصححه الشيخ الألباني في "أحكام الجنائز" (67) .
وقد سئل الشهاب الرملي ، الشافعي رحمه الله :
عن شخص يمكث نهاره بموضع ، يصلي على كل جنازة حضرت لذلك الموضع المعين للصلاة عليها ، فهل يكون محصلا للقيراط الذي عينه صلى الله عليه وسلم لمن صلى عليها ، وشيّع ، بقدره أم يكون أقل منه لكونه ماكثا ؟
فأجاب : بأن القيراط الحاصل لمن صلى عليها ، على الوجه المذكور : أقل من القيراط الحاصل لمن شهدها من مكانها حتى صلى عليها ...
ويتعدد القيراط بتعدد الجنائز ، وإن اتحدت الصلاة عليها ؛ لأن الشارع ربط القيراط بوصف ، وهو حاصل في كل ميت ؛ فلا فرق بين أن يحصل دفعة أو دفعات " انتهى من "فتاوى الرملي" (2/45) .
وينظر : "فتح الباري" لابن حجر (3/197) .
وينظر في ذلك جواب السؤال (67804) .
فاحرص أخي المسلم على الصلاة على كل جنازة تراها ، ولو تكرر ذلك في اليوم عدة مرات ،
ولا تحرم نفسك هذا الفضل العظيم والخير العميم .
والله أعلم .
تعليق