الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

تخشى على مشاعره إذا قطعت اتصالاتها المحرمة معه!

258644

تاريخ النشر : 01-05-2017

المشاهدات : 17358

السؤال

عندي علاقة حب حرام استمرت أكثر من 25 سنة، مقتصرة على الهاتف، ولا نستطيع الزواج لأنه شيعي، وتزوج هو مرتين، ولم يوفق بزواجه، حيث لا يستطيع الجماع مع مطلقته السابقة والحالية؛ لأنه نفسيا لا يتقبل حيث يقول إني حبه الوحيد، وأنا لم أتزوج بسببه، وعمري تجاوز الأربعين .سنة. المهم أريد التوبة بصدق، وقررت التوبة، ولكن أريد أن أنصحه أن يتوب هو أيضا؛ لأني أنا السبب في هذه العلاقة، وأحس بالذنب، فلا أريد التوبة فقط لي، وأريده أن يتوب، وأتمنى أن يحب زوجته، ولكن المشكلة نحن تشاجرنا؛ لأني نجحت بالامتحان والتهيت عنه، وأحس بأنه يريد أن يذلني حيث أكتب له رسائل ولا يجاوب عليها إلا بعد ساعات، وعندما أتصل به لا يرد عليها إلا بعد فترة؛ لأنه يقول إنك التهيت بنجاحك مع أهلك عني. السؤال هو: هل أصبر عليه لفترة قليلة إلى أن يتصل بي لإعطائي وقتا لأنصحه فقط، وأي كلام بينا غير مسموح، وأنا متأكدة من كلامي محدد في نصحي له بالتوبة فقط، وبعدها أقطع العلاقة بشكل ودي ومؤدب. أم أقطع العلاقة فورا بدون نصحي له، وأتركه وهو مقهور مني ومتشاجر. أخاف رب العالمين يحاسبني يوم القيامة أني تبت بدون نصحه لأني أنا السبب في بدء العلاقة وأخاف أن هناك شخصا مقهورا مني يوم القيامة. كيف أرضي ربي. إني أخاف الله. انصحني.

ملخص الجواب

ملخص الجواب : الواجب عليك المبادرة إلى قطع العلاقة معه، وعدم الالتفات إلى مشاعره ، أو ما سيتهمك به . وبهذا فقط : تقدمين له المساعدة على التوبة، وعلى تحسين علاقته بزوجته . وبهذا أيضا تلتفتين إلى نفسك ، وزواجك ، إن تيسر بعد ضياع هذا العمر .

الجواب

الحمد لله.

سؤالك هذا من أوضح الأمثلة التي يمكن أن تضرب على تسلط النفس الأمارة بالسوء على العبد المسلم بالشبهات والتلبيسات، حتى تكاد تنقلب الطاعة معصية، والمعصية طاعة، وذلك بفعل الشبهة أو المغالطة التي يقع فيها، والسبب في ذلك جهله وهواه.

ذلك أن الواجب الفوري عليك – ودون أدنى تردد – المبادرة بقطع العلاقة المحرمة بينك وبين الرجل الأجنبي عنك؛ فما يسمى بالعلاقات العاطفية أو الجنسية خارج إطار الزوجية إنما هي سبيل الشيطان الرجيم، والله عز وجل يقول: ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) الإسراء/32، ويقول سبحانه: ( وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ... ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) الأنعام/151.

وسبيل الشيطان : الواجب قطعه واجتنابه، وليس الاستمرار فيه بعذر نصيحة الطرف الآخر ودعوته للتوبة، أو خشية شعوره بالقهر! فهذه الأعذار الواهية إنما هي خوض في شرك الشيطان وحبائل النفس التي تدعوها داعية الهوى للتمسك بكل شبهة وشهوة. يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/21

يقول ابن الجوزي رحمه الله:

"وإنما يدخل إبليس على الناس بقدر ما يمكنه، ويزيد تمكنه منهم، ويقل على مقدار يقظتهم وغفلتهم، وجهلهم وعلمهم.

واعلم أن القلب كالحصن، وعلى ذلك الحصن سور، وللسور أبواب، وفيه ثَلم .

وساكنه العقل، والملائكة تتردد إلى ذلك الحصن .

وإلى جانبه رَبَضٌ، فيه الهوى والشياطين، تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع .

والحرب قائم بين أهل الحصن ، وأهل الربض .

والشياطين لا تزال تدور حول الحصن ، تطلب غفلة الحارس والعبور من بعض الثُلَم.

فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وكل بحفظه، وجميع الثلم، وأن لا يفتر عن الحراسة لحظة، فإن العدو ما يفتر.

قال رجل للحسن البصري: أينام إبليس؟

قال: لو نام؛ لوجدنا راحة.

وهذا الحصن مستنير بالذكر، مشرق بالإيمان، وفيه مرآة صقيلة يتراءى فيها صور كل ما يمر به .

فأول ما يفعل الشيطان في الربض : إكثار الدخان، فتسود حيطان الحصن، وتصدأ المرآة .

وكمال الفكر : يرد الدخان .

وصقل الذكر : يجلو المرآة .

وللعدو حملات، فتارة يحمل فيدخل الحصن ، فيكر عليه الحارس ، فيخرج .

وربما دخل ، فعاث .

وربما أقام ، لغفلة الحارس .

وربما ركدت الريح الطاردة للدخان ، فتسود حيطان الحصن وتصدأ المرآة، فيمر الشيطان ولا يُدْرى به .

وربما جرح الحارس لغفلته، وأسر ، واستخدم ، وأقام يستنبط الحيل في موافقة الهوى ، ومساعدته، وربما صار كالفقيه في الشر" انتهى من "تلبيس إبليس" (ص36)

ويقول أيضا رحمه الله:

"ومِن التفريط القبيح الذي جر أصعب الجنايات على النفس : محادثةُ الأجانب ...

وكان غلطهم من وجهين:

أحدهما: مخالفة الشرع الذي نهى عن النظر والخلوة.

والثاني: تعريض الطبع لما قد جُبل على الميل إليه، ثم معاناة كفه عن ذلك، فالطبع يغلب، فإن غلب ، وقعت المعاصي" انتهى من "ذم الهوى" (ص582) .

وتأملي ، مصداق ما ذكرناه لك ، في هذه القصة الواقعية ، التي وردتنا ، وذكرنا جوابها ، رقم (60269) ، ليكون عظة وعبرة ، لك ، ولأمثالك ، يا أمة الله ، من الذين لبس عليهم الشيطان .

والخلاصة : أن الواجب عليك المبادرة إلى قطع العلاقة معه، وعدم الالتفات إلى مشاعره ، أو ما سيتهمك به .

وبهذا ، وبهذا فقط : تقدمين له المساعدة على التوبة، وعلى تحسين علاقته بزوجته .

وبهذا أيضا تلتفتين إلى نفسك ، وزواجك ، إن تيسر بعد ضياع هذا العمر في الاتصالات الهاتفية العابثة.

ولتكن نيتك خالصة في جميع ذلك، تطلبين رضوان الله ورحمته وتوبته، والله يقبل التوبة عن عباده الصادقين، كما قال سبحانه: ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء/17، ويقول عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [التحريم: 8]، ويقول جل وعلا: (أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [المائدة: 74]

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب