السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

وصى لبناته بشقق للسكنى فهل لإخوانهن الرفض

258670

تاريخ النشر : 28-01-2017

المشاهدات : 5090

السؤال


نحن عائلة مكونة من زوجة ، وأخ أكبر 38 سنة ، وأخ أصغر36 سنة ، وأخت متزوجة 34سنة ، وأخت صغرى مقبلة على الزواج 28سنة ، وأخت فى أول ثانوى ، أبى مات وهى عندى من أربع سنوات ، وقبل وفاة أبى وصى بأن لكل بنت شقة فى العمارة المكون من خمسة أدوار ، والدور السادس غير مجهز من غير سقف ، والكل موافقون على الوصية ، وبعد سنين من زواج الأخوات قامت بدورها لتخريب الوصية؟ وأنا وأخواتى البنات مصممات على تنفيذ الوصية ، مع العلم إن أختى الكبيرة حالتها متيسرة جدا جدا ، والأخت المقبلة على الزواج رافضة تماما من كثرة حبها لأبى أن تأخذ أى شيئ من الوصية ، حتى معاشها تنازلت عنه لأمها ، والأخت الصغيرة ما طالبت بشي ، مع العلم إن الوصية لم تكتب ، إننى أخاف الله أن أنجب أولادا ، ولو استطاعت أمى وأخواتى البنات أن يأكلوا حقهم من كثرة الطمع ، وتخريب أزواجهم للوصية ، أرشدونى بالله عليكم فى أسرع وقت

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا مات الإنسان بدئ بتجهيزه وتكفينه من تركته إن لم يتبرع بذلك متبرع من وارث أو غيره، ثم يجب سداد ديونه، وتنفيذ وصيته إذا كانت لغير وارث ولم تتجاوز ثلث التركة؛ لقوله تعالى في آيات المواريث : ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء/11.

وتقدم الديون على الوصايا، قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/201) " الدين مقدم على الوصية ، وبعده الوصية ، ثم الميراث ، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء " انتهى.

ويأثم من عطل هذه الوصية أو غيّرها؛ لقوله تعالى: ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/ 181.

قال الشوكاني رحمه الله: " والتبديل : التغيير ... وهذا وعيد لمن غير الوصية المطابقة للحق ، التي لا جَنَف فيها ، ولا مضارَّة ، وأنه يبوء بالإثم ، وليس على الموصي من ذلك شيء ، فقد تخلص مما كان عليه بالوصية به " انتهى من " فتح القدير "(1/231).

وأما الوصية لوارث، فلا يجب على الورثة تنفيذها، بل هم مخيرون في ذلك، فمن أجازها وهو بالغ رشيد ، نفذت في حقه، ومن لم يجزها ، لم تنفذ في حقه؛ لما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .

ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ : ( لا تجوز الوصية لوارث ، إلا أن يشاء الورثة ) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.

وعليه : فمن حق إخوتك أن يرفضوا هذه الوصية ، أو يجيزوها، لأنها وصية لورثة.

وأما الوصية لأجنبي ، بما زاد على الثلث، فللورثة الخيار فيما زاد على الثلث، أن يجيزوا أو يرفضوا.

فتبين بهذا أن الوصية التي يجب تنفيذها: ما كان لغير وارث، وفي حدود الثلث.

قال في الروض المربع ص468: " (ولا تجوز) الوصية (بأكثر من الثلث لأجنبي) لمن له وارث، (ولا لوارث بشيء ، إلا بإجازة الورثة لهما ، بعد الموت) ؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: " لا " قال: بالشطر؟ قال: " لا " قال: فالثلث، قال: " الثلث والثلث كثير متفق عليه، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا وصية لوارث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه.

وإن وصى لكل وارث ، بمُعَيَّنٍ ، بقدر إرثه : جاز، لأن حق الوراث في القدر لا في العين .

والوصية بالثلث فما دون ، لأجنبي : تلزم بلا إجازة .

وإذا أجاز الورثة ، ما زاد على الثلث ، أو لوارث : (فـ) إنها (تصح تنفيذا) ، لأنها إمضاء لقول المورث بلفظ: أجزت أو أمضيت أو نفذت" انتهى.

ثانيا:

للوارث أن يتنازل لغيره عن نصيبه من التركة، أو من هذه الوصية-إن أجازها الورثة-  بشرط أن يكون بالغا رشيدا .

والمقصود بالرشد هنا: عدم السفه، بأن يكون ممن يحسن التصرف في المال.

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : " أبي متوفى منذ مدة ، ويوجد لدينا بيت باسمه، وقررنا بيعه، وتقسيم التركة، وتريد إحدى أخواتي التنازل عن حقها في الميراث لي ، لمساعدتي على الزواج ، علما أنها متزوجة وفي حالة ميسورة هي وزوجها، فهل يجوز ذلك؟ أفيدوني أفادكم الله .
 

فأجاب : لا حرج عليك في قبول هبة أختك لك نصيبَها من البيت ، مساعدة لك في الزواج ، إذا كانت رشيدة ؛ لأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على جواز تبرع المرأة بشيء من مالها لأقاربها وغيرهم.

كما يشرع لها الصدقة إذا كانت رشيدة . والله ولي التوفيق " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (20/ 42).

والنصيحة لكم : أن تحرصوا على بقاء المودة والألفة، وأن تراعو حق الأخوّة والرحم، وأن تزيلوا ما من شأنه إثارة البغضاء والشحناء .

وخير معين على ذلك معرفة أحكام الله وحدوده والوقوف عندها، وقد علمت أن لإخوانك الحق في رفض هذه الوصية، فلا ينبغي أن تألمي لو حدث هذا.

ونسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب