الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو مستند على صدر علي ؟

259216

تاريخ النشر : 11-03-2017

المشاهدات : 71171

السؤال

يحتج الرافضة علينا بأن الرسول صل الله عليه وسلم توفي إلى صدر علي بن أبي طالب وليس بين سحر ونحر أم المؤمنين أمنا الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما وينقلون من كتاب مختصر تاريخ دمشق لأبن عساكر "لابن منظور "الجزء الثاني الصفحة 392 وها هو نص قد تفحصته من المكتبة الشاملة قبل أن أسأل: (عن أبي غطفان قال: سالت ابن عباس: أرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو إلى صدر علي. قالت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين سحري ونحري. فقال ابن عباس: أيعقل! والله لتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنه لمسند إلى صدر علي، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن عباس وأبي أبى أن يحضر، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر.) يرجى الرد على الشبهة

ملخص الجواب

ما يذكره الشيعة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على صدر علي رضي الله عنه، كلها أخبار واهية لا يلتفت إليها، ولا تقوى على معارضة حديث عائشة رضي الله عنها، المتفق على صحته.

الجواب

الحمد لله.

الثابت بالإسناد الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي على صدر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ( إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ: أَيْنَ أَنَا اليَوْمَ ؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا ؟ اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي ) .

رواه البخاري (1389) ومسلم (2443).

وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عَنْ عَائِشَةَ، قالت: ( دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَضِمْتُهُ، وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى. ثَلاَثًا، ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي ) رواه البخاري (4438).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" ما بين الحاقنة والذاقنة هو ما بين السحر والنحر، والمراد أنه مات ورأسه بين حنكها وصدرها صلى الله عليه وسلم ورضي عنها " انتهى. "فتح الباري" (8 / 139).

أما ما ذكره ابن منظور في "مختصر تاريخ دمشق" (2 / 392):

" عن أبي غطفان قال: سألت ابن عباس: أرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو إلى صدر علي. قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين سحري ونحري ؟

فقال ابن عباس: أيعقل! والله لتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنه لمسند إلى صدر علي، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن عباس، وأبى أبي أن يحضر، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر " انتهى.

فذكره بغير إسناد، ولم نقف عليه في "تاريخ دمشق" لابن عساكر، لكن رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2 / 263)؛ قال:

أخبرنا محمد بن عمر، حدثني سليمان بن داود بن الحصين، عن أبيه، عن أبي غطفان، قال: سألت ابن عباس: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو لمستند إلى صدر علي. قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري؟

فقال ابن عباس: أتعقل؟ والله لتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه لمستند إلى صدر علي ، وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس وأبى أبي أن يحضر وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر ".

ومحمد بن عمر هو الواقدي، وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب.

وسليمان بن داود بن الحصين مجهول الحال.

فمثل هذا الحديث بهذا الإسناد الضعيف لا يقوى على معارضة حديث عائشة الذي اتفق أهل العلم على صحته.

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" – الأثر- : ( توفي  صلى الله عليه وسلم  وإنه لمستند إلى صدر علي) .

موضوع.

أخرجه ابن سعد (2/ 263) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي غطفان قال:...

قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ كذاب.

وشيخه سليمان بن داود بن الحصين؛ لا يعرف؛ أورده ابن أبي حاتم – أي في كتابه الجرح والتعديل - ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في "الفتح" (8/ 107) :

"لا يعرف حاله".

قلت: وإن مما يؤكد وضع الحديث؛ مخالفته لحديث عروة المذكور عن عائشة؛ فإن عروة وهو - ابن الزبير - من كبار التابعين وثقاتهم، وقد رواه عنه جمع من الثقات في "مسند الإمام أحمد"، و "صحيح البخاري"، و "مسلم".

وتابعه عندهما جماعة من الثقات عن عائشة رضي الله عنها، وكذلك في "المسند"، و "ابن سعد". فهو حديث مشهور عن عائشة رضي الله عنها؛ إن لم يكن متواتراً...

فمثل هذا الحديث المشهور عن عائشة يبعد جداً أن يخفى على ابن عباس رضي الله عنه!

فنفيه عن عائشة وإثباته لعلي رضي الله عنه؛ إنما هو من صنع الكذابين من الشيعة أو من يساندهم " انتهى. "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (10 / 710 - 711).

وقد وردت روايات أخرى ضعيفة بمثل ما في رواية ابن سعد السابقة، وقد بيّن الحافظ ابن حجر ضعفها، أثناء شرحه لحديث عائشة الذي سبق ذكره؛ قال رحمه الله تعالى:

" وهذا الحديث – أي حديث عائشة - يعارض ما أخرجه الحاكم وابن سعد من طرق، أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ورأسه في حجر علي؛ وكل طريق منها لا يخلو من شيعي، فلا يلتفت إليهم.

وقد رأيت بيان حال الأحاديث التي أشرت إليها دفعا لتوهم التعصب:

قال ابن سعد: "ذكر من قال توفي في حجر علي" وساق من حديث جابر: ( سأل كعب الأحبار عليا ما كان آخر ما تكلم به صلى الله عليه وسلم؟

فقال: أسندته إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي، فقال: الصلاة الصلاة .

فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء)، وفي سنده الواقدي وحرم بن عثمان، وهما متروكان.

وعن الواقدي عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: ادعوا إلي أخي، فدعي له علي، فقال: ادن مني، قال: فلم يزل مستندا إلي وإنه ليكلمني حتى نزل به، وثقل في حجري فصحت: يا عباس أدركني فإني هالك، فجاء العباس، فكان جهدهما جميعا أن أضجعاه )، فيه انقطاع، مع الواقدي، وعبد الله: فيه لين.

وبه، عن أبيه، عن علي بن الحسين: ( قبض ورأسه في حجر علي )، فيه انقطاع.

وعن الواقدي عن أبي الحويرث عن أبيه عن الشعبي: ( مات ورأسه في حجر علي ) فيه الواقدي والانقطاع، وأبو الحويرث اسمه عبد الرحمن بن معاوية بن الحارث المدني قال مالك: ليس بثقة، وأبوه لا يعرف حاله...

وأخرج الحاكم في "الإكليل": من طريق حبة العدني عن علي: ( أسندته إلى صدري فسالت نفسه )، وحبة ضعيف.

ومن حديث أم سلمة قالت: ( عليٌّ آخرهم عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم )، والحديث عن عائشة أثبت من هذا، ولعلها أرادت آخر الرجال به عهدا، ويمكن الجمع بأن يكون علي آخرهم عهدا به، وأنه لم يفارقه حتى مال، فلما مال ظن أنه مات، ثم أفاق بعد أن توجه، فأسندته عائشة بعده إلى صدرها، فقبض " انتهى. "فتح الباري" (8 / 139).

والحاصل: أن ما يذكره الشيعة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على صدر علي رضي الله عنه، كلها أخبار واهية لا يلتفت إليها، ولا تقوى على معارضة حديث عائشة رضي الله عنها، المتفق على صحته.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب