الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

أخطأ في حكاية فتوى أمام بعض المستهترين فل يلزمه التصحيح لهم؟

259442

تاريخ النشر : 28-05-2017

المشاهدات : 6212

السؤال

أفتيت قلت اجتمع العلماء على كفر تارك الصلاة بالكلية ثم حاولت أن أصلح الخطأ لبعضهم وقلت لهم أخطأت أنهم اجتمعوا من تركها جحوداً وباقي لم أخبر البعض لكن بعضهم جهّال هل يجب أخبارهم الأول تكلم مع فعل يقصد أحط رماد السيجارة بالطعام والثاني قلت له الشيخ الفلاني عنده علم وكل واحد عنده علم حتى يوصل العلم عند الله قال هذا الشيخ وصل عند ربي وبرضه كشفته يشرب ماء برمضان يوم شافني أنحرج وقال لي تذكرة بعضهم يقولون لكم دينكم ولي دين هل يجب إخبار مثل هؤلاء الذين ليسوا جادين أبدا ولا يشاهدون أنهم يصلون وبعضهم يصلي العيد ويترك الفجر أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وشكراً لله ثم لكم

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ينبغي التثبت في نقل الفتاوى والأحكام؛ لحرمة القول على الله بلا علم. قال تعالى: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33.

ومن نقل فتوى على سبيل الخطأ، فعليه أن يبادر للتصحيح، وإخبار من سمعه بالصواب، على قدر استطاعته، وهذا من تمام النصح للمسلمين، وفي حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ رواه البخاري (57) ومسلم (56).

ثانيا:

القول بأن العلماء أجمعوا على كفر تارك الصلاة بالكلية، بهذا الإطلاق، ليس خطأ محضا، ويحمل على الترك جحودا، أو يحمل على إجماع الصحابة، فإنهم أجمعوا على كفر تارك الصلاة ولو من غير جحود، وحكى إجماعهم غير واحد من أهل العلم.

قال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ : " كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ " رواه الترمذي (2622) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي رحمه الله: "سمعت إسحاق يقول: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأى أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.

وذهاب الوقت أن يؤخر الظهر إلى غروب الشمس والمغرب إلى طلوع الفجر " انتهى من "تعظيم قدر الصلاة" (2/929).

وقال رحمه الله : " ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في إكفار تاركها وإخراجه إياه من الملة ، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها ، ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك ، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك " انتهى من "تعظيم قدر الصلاة" (2/925).

وقال ابن حزم رحمه الله : " فروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعاذ بن جبل ، وابن مسعود ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وعن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم ، وعن تمام سبعة عشر رجلا من الصحابة ، رضي الله عنهم ، أن من ترك صلاة فرضٍ ، عامدا ، ذاكرا ، حتى يخرج وقتها : فإنه كافر ومرتد ، وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك ، وبه يقول عبد الملك بن حبيب الأندلسي وغيره". انتهى من الفصل في الملل والأهواء والنحل3/128

وقال رحمه الله: "وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدا حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد" انتهى من المحلى 2/15

فكونك لم تقيد الأمر بالجحود، لا شيء فيه، إلا إن كان مرادك العلماء المتأخرين، أو من بعد الصحابة، فهؤلاء لم يجمعوا على تكفير تارك الصلاة إلا أن يكون جاحدا لفرضيتها.

والذي ننصحك به هو الإقبال على طلب العلم، والحرص على الصحبة الصالحة، ودعوة العصاة، وبذل النصيحة لهم، والحرص على هدايتهم.

ولا نرى مصلحة في إعادة الحديث مع من ذكرته ، ولا في الحديث والنقاش معهم أصلا ، بل غاية هؤلاء أن تأمر الواحد منهم بالمعروف ، وتنهاه عن المنكر ، وتنصحه بالخير ، ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، دون الدخول في تفاصيل نقاشات أو حوارات معهم ، فهذا لن يفيدك إلا تخشين الصدور ، وإفساد ذات البين ، والاسترسال في الأغلاط والجهالات .

وفقنا الله وإياك لطاعته.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب