الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

كيفية التعامل مع الزوج الجاف؟

260393

تاريخ النشر : 27-05-2023

المشاهدات : 8321

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ 10 سنوات لدي 3 أطفال كان زوجي في بادئ الأمر ودودا رغم بعض اللامبالاة و المعاملات غير المفهومة التي كنت أفسرها بأنه لم يعامل إناث قبلي ربما أو برغبته في الانجاب لكن بعد أن رزقنا الله بأول حمل بعد سنة بدأ في المعاملة الجافة جدا والاهمال الرسمي والتبرير بأسباب غير مقنعة وتوالت الخلافات بيننا حتى أن الطفل الأخير حاربت من أجل أن يمنحني فرصة الحمل به ودائما الأسباب غير مقنعة وبعد ذلك فنحن في حكم أي شيء الا ان نكون زوجين فهو يتعامل معي على اساس ام الاولاد يقوم بالواجبات الضرورية فقط مرات قليلة يتحدث عادي وفي أغلب الاحيان بغلظة وكأنه يكلم شيء متسخ العلاقة الجنسية بيننا معدومة ولا حتى لمس بريء لدرجة أني أصبحت أستغفر الله كثيرا عندما أفكر في لمسه وكأنه حرام لكني لاحظت عليه رومانسية دخيلة مخفية لا يحب التصريح بها بينه وبين نفسه. ما حكم ما أعيشه مع العلم أن حالتي النفسية تضررت جدا وماذا يجب أن أفعله وجزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

أمر الله الأزواج بحسن معاملة الزوجات والتلطف بهن ومعاشرتهن بالمعروف

فقال تعالى :

وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا النساء /19.

قال القرطبي في تفسيره ( 5/98 ) :

( قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي على ما أمر الله به من حسن المعاشرة. والخطاب للجميع، إذ لكل أحد عشرة، زوجا كان أو وليا، ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج، وهو مثل قوله تعالى: (فإمساك بمعروف) وذلك توفية حقها من المهر والنفقة، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون منطلقا في القول لا فظا ولا غليظا ولا مظهرا ميلا إلى غيرها. والعشرة: المخالطة والممازجة ...

فأمر الله سبحانه بحسن صحبة النساء إذا عقدوا عليهن لتكون أَدَمَةُ ما بينهم وصحبتهم على الكمال، فإنه أهدأ للنفس وأهنأ للعيش. وهذا واجب على الزوج ولا يلزمه في القضاء. وقال بعضهم: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له. وقال يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي: أتيت محمد بن الحنفية فخرج إلي في ملحفة حمراء ولحيته تقطر من الغالية ، فقلت: ما هذا؟ قال: إن هذه الملحفة ألقتها علي امرأتي ودهنتني بالطيب، وإنهن يشتهين منا ما نشتهيه منهن. وقال ابن عباس رضي الله عنه: إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين المرأة لي. وهذا داخل فيما ذكرناه. قال ابن عطية : وإلى معنى الآية ينظر قول النبي صلى الله عليه وسلم : (فاستمتع بها وفيها عوج) أي لا يكن منك سوء عشرة مع اعوجاجها، فعنها تنشأ المخالفة وبها يقع الشقاق، وهو سبب الخلع)" انتهى .

وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال :

اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا  متفق عليه

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي رواه الترمذي

وعن معاوية بن حَيدة رضي الله عنه قال : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟

قَالَ :  أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ رواه أبو داود (2142) ثم قال : " وَلَا تُقَبِّحْ أَنْ تَقُولَ : قَبَّحَكِ اللَّهُ "

ثانيًا:

لا شك أن هذا وضع مؤلم، ولا يناسب ما شرع الله لنا الزواج لأجله من حصول المودة والرحمة بين الزوجين، فنسأل الله أن يأجرك فيما أصابك وأن يلهمك الصبر عليه، وأن يفتح لك باب الفرج من عنده، ولا شك أن ما أنت فيه من الحرص على صلاح زوجك وزواجك يستحق الثناء، نسأل الله أن يكتب أجرك.

وللتعامل مع هذه الحالة عدة مفاتيح سنوضحها لك ونرجو أن تستعيني بالله وتسلكي سبيلها عسى أن يهدي الله زوجك ويصلح ما بينكما.

المفتاح الأول: دوام دعاء الله والاستعانة به؛ فإن القلوب بين يدي الرحمن، لا حول ولا قوة إلا به سبحانه، وهو قادر سبحانه على إزالة الهم وفتح أبواب الفرج، فتصبرين على ما يمر بك، وفي الوقت نفسه تسألين الله كشف همك وإصلاح زوجك.

المفتاح الثاني: مفتاح المصارحة والمكاشفة، فتتكلمي مع زوجك في وصف حاله معك، وفي وصف تضررك من هذه الحال، وفي وصف ما تريدينه منه، وتمزجي كلامك بتذكيره بالله عز وجل وبما ينبغي أن يكون بين الزوجين من المودة والرحمة، وتطلبي منه أن يوضح لك لو كان هناك تقصير وقع منكِ، أو كان هناك شيء يريد منك فعله ليساعدك، وكل ذلك يكون بعبارة لطيفة، ونبرة غير اتهامية.

المفتاح الثالث: بذل الجهد في التزين لزوجك، وتحسين صورتك وهندامك ولباسك، وتحسين طريقة المخاطبة بينكما، فيرى أمامه - باستمرار - زوجة يطمح الرجال لمثلها، واستمرارية هذا وانتظامه، ووصولك لأحسن صورة ممكنة منه؛ يمكن أن يوقظ تلك الرومانسية المنزوية داخل زوجك.

المفتاح الرابع: لكل إنسان لغة حب تحرك ما بداخله، بعض الرجال يحركهم الكلام العاطفي، وبعضهم يحركه اللباس والزينة، وبعضهم تحركه الخدمات ورعاية أموره في البيت، وبعضهم يحركه إظهار التشجيع والاحترام والتقدير، وبعضهم تحركه الهدايا.

ففكري في طبيعة زوجك، وطبيعة اللغة التي تحرك محبته وعاطفته، وقومي باستخدام هذه اللغة بصبر ومثابرة وانتظام، ولو كانت تحركه أكثر من لغة، فاستخدميها جميعًا، ونحن نعلم أنك قد ترين حاليًا أنه لا يحركه شيء، لكن لو عدت بأناة لأيام زواجكما الأولى، ستستطيعين تلمس اللغة المؤثرة عليه واستخدامها.

المفتاح الخامس: أن تستحضري مميزات زوجك، وتشكري الله عليها، وتكثري من مدح زوجك وإظهار امتنانك وتقديرك لهذه المميزات التي تميزه كزوج، وتمثل نقاط قوة في شخصيته.

المفتاح السادس: أن تستمري في أداء حقوق زوجك بلا كلل ولا ملل، وأن تستمري في بذل الجهد لإنجاح العلاقة رغم ما قد تجدينه من ضعف استجابة زوجك، فهذا الأداء ولو من طرف واحد يساهم في استقرارك النفسي، ويقلل من الأذى الحاصل لك، وهو مقتضى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ أخرجه مسلم (2664).

 هذه المفاتيح لن تُثمر معك في يوم أو يومين، ولا في شهر أو شهرين، بل تحتاج لصبر ومواصلة وبإذن الله تثمر معك على وجه يسرك.

ثم اجتهدي - والحالة هذه - في إخراج طاقتك العاطفية والنفسية مع أولادك الثلاثة، وما يتعلق بتربيتهم وسلوكهم وتنمية مهاراتهم.

ونختم بأمر مهم: لا بد أن تكون لك حياة خاصة، تمارسين فيها ما تحبين من عبادة وتعلم، أو موهبة، أو علاقة بصديقات، أو تواصل مع عائلة، أو تفنن في رعاية وتربية الأولاد.

ولا بد أن تفرحي بمنجزاتك في هذه المجالات، وتستمتعي بها، فوجود الحياة الخاصة والشخصية الواضحة والمنجزات المتكررة في مجالات فردية تتعلق بك، بالإضافة لكونها مهمة لك، يساهم في سعادتك، ويمنع تمحورك حول الزوج بشكل يضر فاعلية المفاتيح السابق ذكرها؛ فإن هذه النشاطات الشخصية تُظْهِر للزوج أن معه زوجة فاعلة ومؤثرة، وناجحة وقوية، وهذا الأمر يستثير عاطفة الزوج نحو زوجته، ويزيد من شعور الزوج بقيمة زوجته، ويؤثر في رفع درجة إقباله عليها.

 نسأل الله أن يوفقك للخير كله، وأن يلين قلب زوجك، ويهديه للإقبال عليك بمثل ما تقبلين به عليه، أصلح الله بالكما وأسعد حالكما.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب