الحمد لله.
من سار بدابته أو سيارته في طريق سيرا معتادا، فداس حصاة أو حجرا صغيرا ، فأصابت إنسانا أو أتلفت زجاجا ونحوه : فلا ضمان عليه، لأنه مأذون له في السير، ولا يمكنه التحرز من دوس الأحجار الصغيرة .
والقاعدة : أن ما ترتب على المأذون فهو غير مضمون.
أما إن سار سيرا غير معتاد، كالسير بسرعة في طريق به حصى، فإنه يضمن؛ لتعديه.
وهذه المسألة يتعرض لها الفقهاء في أحكام جناية الدواب.
قال السرخسي رحمه الله: " وإن ضربت بحافرها حصاة ، أو نواة , أو حجرا , أو شبه ذلك ، فأصاب إنسانا وهي تسير : فلا ضمان عليه ; لأن هذا لا يمكن التحرز عنه , فهو بمنزلة التراب , والغبار المنبعث من سنابكها ، إذا فقأ عين إنسان .
إلا أن يكون حجرا كبيرا ، فيضمن ; لأن ذلك مما يُستطاع الامتناع منه , وإنما ينبعث الحجر الكبير بخُرْق منه في السير " انتهى من المبسوط (26/ 189).
وقال ابن فرحون رحمه الله: " فرع : قال أشهب : فيمن ركب دابة فطارت من تحت يدها حصاة ففقأت عين رجل : فلا شيء عليه .
قال محمد إلا أن تكون الدابة دفعتها بحافرها ، فضربها حين اندفعت : ففيها الدية .
وأما إذا طارت من تحت الحافر ، من غير دفع : فلا شيء فيها. " انتهى من تبصرة الحكام (2/ 344).
وقال في مغني المحتاج ( : " ( ويحترز ) راكب الدابة ( عما لا يُعتاد ) فعله له ، ( كركض شديد في وحَل ) بفتح الحاء ، ( فإن خالف : ضمن ما تولد منه ) لتعديه .
وفي معنى الركض في الوحل : الركض في مجتمع الناس ، كما أشار إليه في البسيط .
واحترز بالركض الشديد : عن المشي المعتاد فيه , فلا يضمن ما يحدث منه , فلو ركضها كالعادة، ركضا ومحلا ، وطارت حصاة لعين إنسان : لم يضمن" انتهى.
وعليه :
فإن كان صاحبك قد سار في الطريق بالسرعة المسموح بها، ولم يكن الطريق مليئا بالحصى ، مما يوجب التهدئة والنزول عن السرعة المسموح بها : فلا ضمان عليه .
وإلا ، ضمن.
وفي حال الضمان : لا يلزمك أنت شيء ، لأنك لم تكن قائدا للسيارة .
وحسبك أن تنبه صاحبك لحكم المسألة ، وضرورة التحلل من صاحب المحل ، أو ضمان ما تلف.
والله أعلم.
تعليق