الحمد لله.
أولا:
يحرم على الرجال لبس الذهب؛ لما ورد في السنة من تحريم ذلك، كما روى أبو داود (4057) والنسائي (5144) وابن ماجه (3595) عن عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وينظر: جواب السؤال رقم (87907).
ثانيا:
إذا كان الذهب يسيرا تابعا، فلا حرج فيه عند جمهور الفقهاء.
وذلك أن تحلي الرجل بيسير الذهب له صورتان:
الأولى: أن يكون يسيراً مفرداً، كالخاتم ونحوه ، فهذا محرم عند جماهير أهل العلم.
الثانية: أن يكون يسيراً تابعاً لغيره كفص ذهب في خاتم، فهذا محل خلاف بين أهل العلم، والحنفية والمالكية والحنابلة على الجواز، لكن مع الكراهة عند المالكية. ومنعه الشافعية.
قال المرداوي في الإنصاف (3/ 145): " ومنها: فص الخاتم إن كان ذهبا، وكان يسيرا، فإن قلنا: بإباحة يسير الذهب، فلا كلام.
وإن قلنا: بعدم إباحته، فهل يباح هنا؟ فيه وجهان. أحدهما: التحريم أيضا، وقد نص أحمد على منع مسمار الذهب في خاتم الفضة، في رواية الأثرم، وإبراهيم بن الحارث، وهذا اختيار القاضي وأبي الخطاب .
والوجه الثاني: الإباحة. وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز، والمجد، والشيخ تقي الدين، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في العَلَم [يعني: الطراز ونحوه يكون في الثوب] ، وإليه ميل ابن رجب. قلت: وهو الصواب، والمذهب ، على ما اصطلحناه" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وفي يسير الذهب في (باب اللباس) عن أحمد أقوال: أحدها: الرخصة مطلقا؛ لحديث معاوية نهى عن الذهب إلا مقطعا. ولعل هذا القول أقوى من غيره ، وهو قول أبي بكر.
والثاني: الرخصة في السلاح فقط.
والثالث: في السيف خاصة ، وفيه وجه بتحريمه مطلقا؛ لحديث أسماء لا يباح الذهب ولا خريصة ، والخريصة عين الجرادة .
لكن هذا قد يحمل على الذهب المفرد دون التابع؛ ولا ريب أن هذا محرم عند الأئمة الأربعة؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن خاتم الذهب؛ وإن كان قد لبسه من الصحابة من لم يبلغه النهي.
ولهذا فرق أحمد وغيره بين يسير الحرير مفردا ، فنهى عنه؛ وبين يسيره تبعا ؛ إذ الاستثناء وقع في هذا النوع فقط.
فكما يفرق في الرخصة بين اليسير والكثير: فيفرق بين التابع والمفرد ويحمل حديث معاوية " إلا مقطعا " على التابع لغيره" انتهى من مجموع الفتاوى (21/ 87).
وينظر: حاشية ابن عابدين (6/ 360)، حاشية الدسوقي (1/ 63)، مغني المحتاج (2/ 97).
وعليه :
فاليسير من الذهب في الساعة لا بأس، لأنه تابع لغيره، لا سيما إذا كان مخفيا ، كالذي يكون في آلة الساعة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فإن قال قائل: إذا كانت الساعة ليست ذهباً ولا مطلية به، لكن في آلاتها شيء من الذهب هل تجوز؟ الجواب: نعم لا بأس به؛ لأنه إذا كان في الآلات الداخلية، فإنه لا يُرى ، ولا يُعلَم به .
وإن كان في الآلات الخارجية كالعقرب مثلاً؛ فإنه يصير تابعاً فلا يضر" انتهى من الشرح الممتع (6/ 118).
والله أعلم.
تعليق