الحمد لله.
هل يحق له منع غيره من التسمية بنفس اسم مشروعه؟
من أقام مشروعا تحت اسم معين، فإن هذا لا يمنع غيره من إقامة مشروع بنفس الاسم، ما لم يصبح الاسم اسما تجاريا له قيمة مالية معتبرة، فيُمنع من الاعتداء عليه، وإصدار شيء بنفس الاسم، كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الخامس بالكويت 1409 هـ - 1988 م ونصه:
"أولاً: الاسم التجاري والعنوان التجاري (العلامة التجارية والتأليف والاختراع أو الابتكار) هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.
ثانياً: يجوز التصرف في الاسم التجاري، أو العنوان التجاري، أو العلامة التجارية، ونقل أي منها بِعِوَض مالي، إذا انتقى الغرر والتدليس والغش، باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً.
ثالثا: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها." انتهى من "مجلة المجمع" (ع 5، ج 3 ص 2267).
و"الاسم التجاري: هو تسمية يستخدمها التاجر علامة تميز منشأته التجارية عن نظائرها؛ وليعرف المتعاملون معه نوعًا خاصًا من السلع، وحسن المعاملة والخدمة".
والعلامة التجارية: "هي إشارة مادية يضعها التاجر أو المنتج على سلعة ليسهل تمييزها عن السلع الأخرى من ذات الصنف، ويمكن أن تكون اسمًا يتخذ شكلًا معينًا، أو إمضاء، أو كلمة، أو حروفًا، أو أرقامًا، أو رسومًا، أو غير ذلك.
* الفرق بين الاسم التجاري والعلامة التجارية:
الاسم التجاري يميز المنشاة التجارية ذاتها عن نظائرها (فهو علامة توضع على المصنع أو المنشأة).
وأما العلامة التجارية يستخدم لتمييز البضائع والمنتجات (فهو علامة توضع على البضائع.)" انتهى من "المعاملات المالية أصالة ومعاصرة" للدبيان (1/ 175).
ولم يظهر من سؤالك أن مشروعك تجاري، وعلى فرض ذلك فإن الاسم التجاري يحتاج مدة حتى يكون له قيمة مالية، فيمنع الاعتداء عليه حينئذ.
قال الدكتور عجيل النشمي: "فمتى اكتسب المحل سمعة تجارية، فإن السمعة التجارية تلازم الاسم التجاري للمتجر، فيختلط بأذهان العملاء الاسم التجاري بذات المحل التجاري، كما يختلط تمامًا اسم الشخص بذات الشخص لدى الناس، وتبعًا لهذه الصلة الوثيقة بين المحل التجاري والاسم التجاري، تزداد قيمة الاسم التجاري كلما ازدادت السمعة التجارية للمتجر، كما أن المصادر والأسباب التي تنشأ عنها السمعة التجارية مثل: موقع المحل، وجودة المنتجات أو الخدمات، وحسن المعاملة: هي نفس الأسباب التي تنشأ وتزداد بها قيمة الاسم التجاري." انتهى من بحثه: "بيع الاسم التجاري" بحث منشور بمجلة مجمع الفقه الإسلامي (5/ 1850) ترقيم الشاملة.
وقال: "فإن العرف الجاري، والتجربة المتكررة بين الناس: تجعل للاسم التجاري الذي يعبر عن واقع وحقيقة، إذا صحبته دعاية كافية رجحانًا على الاسم التجاري الذي يعبر عن زيف وخداع، وإن ضخمت دعايته، فالبقاء للأصلح في أسواق الناس.
فالاسم التجاري - والحال هذه - له واقع ملموس، كما أن له قيمة ذاتية مستقلة عن السلع التي يمثلها ويحتويها.
وإلى جانب ذلك فإن للاسم التجاري أيضًا أهدافًا وأغراضًا يحققها، أخصها وأهمها أنه يحفظ السلع من التقليد والتزييف، ويوجد ارتباطًا وصلة وانطباعًا معينًا بينه وبين الجمهور، هذا الارتباط الذي ينتج ما نسميه السمعة والشهرة التجارية.
ولا شك البتة أن هذه السمعة في حقيقتها وواقعها مصلحة؛ فعلية بالنسبة للتاجر من جانب، ولعامة الناس المتعاملين من جانب آخر.
فأما مصلحة التاجر: فإنه قد بذل من جهده وفكره وأمواله الشيء الكثير في سبيل هذا الاسم، ليضمن لبضائعه رواجًا وسمعة ونجاحًا، فمن مصلحته الخاصة أن يتحقق له ذلك، وبالتالي فمن مصلحته أو من حقه أن يحمي جهده وفكره وأمواله، أو بمعنى آخر أن تحفظ قيمة اسمه التجاري، فلا يتعرض للتقليد أو التزييف، كما تحفظ سمعته من التشويه." انتهى من "مجلة المجمع" (5/ 1910).
وقال الشيخ محمد تقي العثماني: "نشأت مسألة الاسم التجاري والعلامة التجارية منذ أن ازدادت التجارات حجمًا وضخامة، وصار التاجر الواحد أو الشركة الواحدة ينتج ويصدر أمواله الضخمة إلى عدد كبير من الناس والبلاد، وتنوعت المنتجات من جنس واحد باختلاف أوصافها، وصارت هذه الأوصاف تعرف باسم المنتج. فكلما رأى المستهلك أن البضاعة أنتجتها الشركة الفلانية التي عرفت بسمعتها الحسنة في السوق، اشتراها بمجرد سماع الشركة، أو وجود علامتها التجارية على وجه البضاعة.
وهكذا صار الاسم التجاري أو العلامة التجارية سببًا لكثرة إقبال المشترين على المنتجات وقلته، فصار الاسم التجاري أو العلامة التجارية لهما قيمة في أنظار التجار، فكل اسم حاز سمعة بين الناس يمثل كثرة رغبة المشترين بضاعة واردة في السوق بذلك الاسم، ويسبب كثرة الأرباح لتاجر يرد السوق بذلك الاسم.
ولما ظهر أن بعض الناس شرعوا يستعملون أسماء المنتجين الذين لهم شهرة حسنة فيما بين المستهلكين لتروج بضاعتهم بهذا الاسم، وخيف التباس الأمر على عامة الناس، ظهرت قوانين من قبل الحكومات لتسجيل الأسماء التجارية والعلامات التجارية عند الحكومة، ومنع التجار من استعمال الأسماء والعلامات التي سجلها غيرهم.
فصارت هذه الأسماء والعلامات بعد التسجيل لها قيمة مادية في عرف التجار. وشرع التجار يبيعون هذه الأسماء ويشترونها بأثمان غالية وأموال طائلة، لما يرجون من شهرتها كثرة إقبال الناس ورغبتهم في شراء ما ينتجونه." انتهى من "مجلة المجمع" (5/ 1946).
فظهر بهذا أن الاسم التجاري الذي يختص بصاحبه ويمنع الاعتداء عليه: مرتبط بسلعة تجارية، وقد اكتسب سمعة وشهرة بين الناس.
وأما الأسماء العلمية والدعوية فلا تدخل في ذلك، كأسماء المؤلفات، والمكتبات الدعوية، والمؤسسات الخيرية، كما لو قيل: مكتبة ابن تيمية، ومؤسسسة بصائر، فلا مانع أن توجد مكتبات ومؤسسات باسم ابن تيمية وبصائر، إلا أن الدولة غالبا تمنع من ذلك في التسجيل الرسمي منعا للاشتباه.
والحاصل:
أن ما ذكرتم لا يدخل تحت (الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية) حتى يمنع غيركم من جعل مشروعه تحت هذا الاسم، ولا قيمة له مادية حتى يعتاض عنه بأي عوض، بل لكم البقاء عليه، ولغيركم استعماله أيضا، لكن ما دام هذا قد يؤدي إلى الاشتباه، وفيه نوع من الأذى لمن سبق إليه، فلا ينبغي إعادة استعماله لا سيما في البلد الواحد.
والشأن في أصحاب الأعمال المتميزة والجادة أن يأنفوا العمل تحت اسم اشتُهر به غيرهم، ويبدو أن الحامل هنا على ذلك أنكم لم تعرفوا وتشتهروا بهذا الاسم بعد.
وعليه؛ فإن تمسك إخوانكم بهذا الاسم فلا عليكم، والعبرة بجودة العمل وتميزه، وسيعرف عاجلا أم آجلا أصحاب الإتقان والإحسان، ويهمل غيرهم، فإن أتقن الجميع، فلا يضركم، ويمكن التمييز بالإضافة إلى اسم الحي، ونحوه.
ويمكن أيضا نشر رابط موقعكم، والمواقع التابعة له، ليتميز عن رابط الموقع المشابه، مع التنويه على ذلك، إن أحببتم، على صفحاتكم.
والله أعلم.
تعليق